رسالة من لطف الله سليمان

بتاريخ 7 يونيو 1974 إلى إقبال العلايلي (بولا حنين)، أرملة جورج حنين:



[ مرة ثانية، بعد فارق عشرين سنة، تحرجينني، إذ تطلبين إليَّ المشاركة في "لابار دو سابل" والتي يجري بعثها، هذه المرة، من أجل توجيه تحية إلى ذكرى جورج حنين.


من المؤكد أنكِ لا تجهلين أنه على مدار فترة بأكملها من حياتنا، كنا، جورج وأنا، متواطئين في المشروع، الجنوني، المتمثل في الرغبة في انتهاك الواقع بإدخال الحلم إليه. ومثل هذه التواطؤات لا تُنسى.


والشيء الذي لا يبدو أنكِ تريدين التصالح معه هو أنه بعد سنوات التواطؤ، كانت هناك سنوات القطيعة، العديدة هي الأخرى. فأرجو ألا تهينينني – وألا تهيني جورج – بادعاء أن هذه القطيعة لم تكن غير نتيجة سوء تفاهم، تراكم إساءات فهم، أو حتى نتيجة للتآكل الطبيعي الذي يلتهم، دون رحمة، كل ما يتواصل وكل ما يتمدد في الزمن. إنكِ تعرفين، ربما أكثر من أي أحدٍ آخر، أننا، جورج وأنا، كنا نملك من الصرامة ما يكفي لألاّ نجيز لأنفسنا السقوط في شرك "الحوادث" التي لا تتميز بأهمية كبيرة، والتي تشكل نسيج العيش والضجر اليوميين.


إن "التحية" الأكبر والوحيدة التي يمكن توجيهها إلى ذكرى جورج حنين هي القول بأننا كان "محكوماً علينا" بالقطيعة. وبما أننا كنا قد أسسنا علاقتنا على التواطؤ في "الجرم المطلق"، فلم يكن بوسعنا إعادتها إلى مستوى المحبة ولا قبول إنزالها إلى مستوى العِشرة أو، وهو الأسوأ، مستوى الاجتماعيات.


فهل كفَّ أحدنا يوماً ما، عن الرغبة في "انتهاك الحياة"؟ أم أننا، ببساطة تامة، قد حسبنا المسافة التي تفصل الشاعر عن رجل الفعل، من يريد إدخال الحلم "عن طريق الكلمة" ومن لا يرى وسائل أخرى لإدخاله إلاَّ "عن طريق الحياة" نفسها؟


لا يمكنني الإجابة عن هذا السؤال. وفي جميع الأحوال، فلست أنا الذي يجب عليَّ الاجابة عنه].


ترجمة بشير السباعي

0 التعليقات: