أحمد راسم_2

دعاء

إلهي، يامن تعلم
ثقل الكلمات،
أدعوك أن تجعل كل قصائدي أغنيات حب
مُطَرَّزَةً بالصمت كأفئدة اليتامى
لأنه لم يبق فيَّ
غير إيقاعات خفية،
لأنه لم يبق فيَّ
غير سر الكلمات
المتلاطمة حتى الضنى.
أدعوك أن يتسنى لي مثلما تسنى للشاعر
تاوتسين
أن أتمتم بأغنيات على عود بلا وتر
لا يفهمها سوى حبيبتي
مثلما تفهم نظرتي
حين تستقر، خجلى،
على عري
يديها الأنثويتين.

*

جميلة مثل لهب


جميلة مثل لهب
جميلة مثل فتاة صغيرة تلمع بالعرق
جميلة مثل امرأة في حقل من حقول قصب السكر، مثل المهج
الكسيرة، مثل الأكتاف المهزومة
جميلة مثل ثمرة معطرة بالبراءة
جميلة مثل ثمرة مترعة بالنقاء
جميلة مثل تربة ما عاد ينبت فيها شيء
جميلة مثل حلم
جميلة مثل بحر مجهول الأمواج
جميلة مثل رغبة صباحية
جميلة مثل الصورة التي تهتز في كل قلب
جميلة مثل لغة المروج الكوكبية
جميلة مثل فيض الشمس القزحي
جميلة مثل حريق
جميلة مثل طيف منتصب في الأفق
جميلة مثل البحر حين يسبح القمر في أمواجه عارياً
جميلة مثل انسجام رائق
جميلة مثل خاطر إلهي
جميلة مثل لهب
جميلة مثل الموت


*

كيف يمكنكِ؟


حين تفتشين عن أسرار قلبي
تشبهين الأطفال الذين يهشمون لعبهم بحثاً عن الروح الخفية
التي تحرك قطاراتهم.
إن كان حلمي على إيقاع أصابعك يشدو
وإن كان فكري على زورق ضفائرك يهيم،
فكيف يمكنك الشك في عاطفتي؟
حين يتركز عليَّ بهاء عينيك
أشعر أن كل شعاع حزمة حية ..
وهيهات أن أكون في أي وقت آخر أكثر قرباً من الله.


*

لماذا؟


سألتك ابتسامة
فمنحتني كل نفسك..
وحين سألتك لماذا؟
جاوبتني بابتسامة..


*

"المرأة ذات العينين الخضراوين"


للرسام محمود سعيد

صورة ذراعيها تثب فيَّ كغزالة
في الحلم، شددت على ذهب أذنيها
تنسمت أزهار فستانها
وأصابعي تحرس عذوبة
أفنانها.
أشعر أن رضاب ثغرها
سوف يشفيني.
نظرتها تصلني كنسمة رقيقة
تستخلص من الأزهار أريجها المتموج.
نهدان نبيلان مثل أوزتان تتقدمان.
إذ خانتني الشجاعة على مواجهتهما،
انزلقت نظرتي
بمكابدة طفولية.
كانت السماء أقل عذوبة من خضرة عينيها.
كان قدها رقيقاً مثل ساق زهرة، طرياً مثل سعفات نخيل
داعبها النسيم..
وبدا أن أعواد القصب تسخر من حيائي.



*

حزينة هي..


كيدين ضجرتين..
كباقة زهر..
حزينة كثمرة خلقت للاشتهاء..
حزينة كالموجة التي تنحسر وتموت..
حزينة هي كوجه بلا استجابة ..
كالنجمة التي تنام في مطر الأرصفة..
كالشعاع الأخير فوق مدينة غافية..
حزينة ككتاب ينقفل إلى الأبد..
يرتجف صوتها، في الفضاء، كورقة تسقط في بركة لا يتجه
إليها أحد.


*

أزهار البستان تقول لي..


أزهار البستان تقول لي :
لِمَ لا تفكر في وجهها وأنت في بيتك
بدلاً من أن تجيء إلى هنا
وتذلنا؟


*
قصيدة صيف


الحياة تمضي كانعكاس حلم على وجه الماء..
فعودي، يا صاحبتي، لأن الزمن قصير..
عودي، فسوف أمنحك زهور حبي الخفية.
عودي، فأنا كالنبتة التي تطلع ثانية بعد قطعها.

ترجمة بشير السباعي

(عن الأصل الفرنسي)

0 التعليقات: