جورج حنين_13

عودة الآلهة

نهود بازغة من عيد شفوي
ومختومة بشمع الذكرى
فتاة تبتسم لبشرتها
في الريح العارية للأرياف
ثم تهبط يداها بامتداد جسمها
مثلما تهبط مرساة سفينة
تعاد إلى اليابسة.

كالبريق الزائل لفصولٍ معيشة
تنكفئ على ألم
أكثر سرية من أي موت
على جذع وحدتها الصدفي
على رائحة الحب المباغتة
في درج للرذاذ

وبينما أصابعها تحت اختبار الدف
وقوامها على منحدر الطوق
تنوء بالإرهاق في الماء الضحل
لبعدها الخاص
كأذى سحر أسيء استجلابه

لكن ما من إفاقة
ما من إفاقة ممكنة
دون عودة الآلهة
التي لا تستحق أي إيمان.


*
الفخ


القَدَرُ فهدةٌ ساخنة
واللحظة التي نُمسُّ فيها
تكتسب – في السخرية الليلية العظيمة –
مذاق عربدة ساراسينية

ثم ينبثق النور
وندرك أن ما هو جوهري
هو أن نحرص كل الحرص
على الأشياء التي ما عدنا نشتهيها.
*
الرجفة

ما على المرء وماله
ما عاد بالإمكان قراءتهما
في البلّورة المجنونة للمعابد

للحظة فقط
بعد جمود سنوات غير مجدية
تعلو قوة جديدة
في أعين من يقيمون القداس

لحظة ذعر ومخلب
زيادة في البرَكَة
على فراش الغابة العظيمة
حيث يضيع ثمن كل إيماءة

إن رعب الغداة
يكفي لمواصلة الحلم.
*
فوترالبا


فوترالبا مدينة عالية معلقة في هرمية البناء
فولترالبا لا تستقبل أحداً إلاّ على هضاب عالية
فوترالبا تتساءل أحياناً على مدار سنين عن مدى إمكانية السماح ضمن أسوارها بدخول هذا الزائر أو ذاك القادم من بعيد جداً عبر آلاف من الأهوال
ثم إن أسوارها ضعيفة ورجراجة
فوترالبا مدينة طيش خالص.
مدينة لاتزال تجهل شيخوختها، لاتزال مجسمة في ثياب حلم قديم حيث تستغرق بيوتها وقتاً حتى تتهيأ، حيث تعرّي البنات صدورهن لصباح الواجهات، حيث لا يشنق المرء بعد الخيماويين إلاّ صورياًّ، حيث يدندن الوجهاء في العشب كما لو كان ذلك هو رسالتهم الأولى.
في فوترالبا ذات الأهداب المحترقة التشنجُ هو أبسط وسيلة لتمتين التعارف
في فوترالبا ذات الواحات المسورة العطشُ هو التسلية الأولى للرجال الصالحين
في فوترالبا التي تتآكل من فرط تخصيص غرفة في كل بيت للمدعو وغرفة لقاتل المدعو
الفلفل والألباجا رمزان للسيادة
تحكم فوترالبا ملكة فلفل وألباجا خنثى وهي لا تُبصِرُ هناك إلاَّ في ساعات معينة، ليست واحدة أبداً. كل ما هو غير متوقع هناك.
دون كلل، يدافع تنين مُعفَّرٌ عن مداخلها. لكن المداخل معتادة على التحايل عليها. كلمات السر لها لغة رثة. هناك اعتقاد بأن المرء يرى هناك كما في أماكن أخرى ثرثرات بائسة. ولا يوجد غير المتوقع إلاّ في عمى الملكة المتقطع.
على طول الأرصفة تتخذ مراكب شقراء أوضاعاً لرسامين نشوانين
وفي المساء، في حديقة مهجورة ما، يوجد دائماً فونوغراف بلدية يتمتم بين الظلال: "ماذا تكون هيكوبا بالنسبة له أو هو بالنسبة لهيكوبا..."
عدة مرات متتالية
عدة مرات متتالية
والصمت يتأوه في فوترالبا وعندما يكف عن التأوه يغدو ثوباً من النسيج الخشن مقوراً بشكل فاضح
وغداً تنفتح الدواليب المقدسة، ويولد العري من جديد من ذهبها وترفع المسرات الرهيفة غير المفهومة رأسها
ويتهيأ الجميع ويتزينون لشعيرة سوء التفاهم العظيم.
ترجمة بشير السباعي
عن الأصل الفرنسي

0 التعليقات: