قسطنطين كافافي_8


شبانٌ من صيدا (عام 400 بعد يسوع المسيح)(*)


الممثل الذي طلبوا حضوره كي يُسَرِّيَ عنهم،

أَلقى أيضاً مقطوعاتٍ شعرية مؤثرة.


كانت القاعةُ تطل مباشرةً على الحديقة؛

مُفعَمَةً كانت بأريج الأزهار الزكي

الذي امتزج بعطور

أولئك الشبان الصيداويين الخمسة

المضمخين بالعطر.



قرأ الممثل عليهم ميلياجر وكريناجور وريانوس.
إلاَّ أنه عندما قرأ:
"هنا يرقد إسخيل الأثيني، ابن يوفوريون(**)"

(مشدِّداً، ربما أكثر من اللازم، على عبارة

"ذو البسالة المشهودة " و "غابة ماراثون")

قَفَزَ من فورهِ شابٌ محتدمٌ مهووس كل الهوس بالأدب وصاح:

- آه، كلا! هذه الرباعية لا تروقني.

يمكن القول إن مثل هذه التعبيرات تشبه

غشيانات الخَوَر.

أقول إنك يجب أن تضفي على عملك كل قوّتك

كل عنايتك، وأن تتذكر هذا العمل

في المحنة، أو عندما تحين ساعتك أخيراً.

هذا ما أنتظره، هذا ما أطلبه منك

وليس البتة أن تمحو من ذهنك تماماً كلام

التراجيديا الجليل

- أي أجاممنون، أي برمثيوسٍ رائع، أي أوريست، أي نبوءات لكاسندرا والسبعة ضد طيبة –

وألاَّ تتذكر لأجل تأكيد ذكراك إلاَّأنك بين صفوف الجنود المجهولين، حشدهم، حَاربت، أنتَ أيضاً، داتيس وآرتافيرن!


(عن ترجمة س. بيير بيتريديس)


(*) لابد لتاريخ عام 400 بعد يسوع المسيح أن يكون مفتاحاً لتأويل هذه القصيدة، فهذا العام يشكل لحظة أعمق أزمة من أزمات الإمبراطورية الرومانية، التي يضغط عليها بالفعل القوطيون والهون. والحال أن الأمزجة الفردية لذلك العصر ومتطلباته الجمالية، لم يلبِّها إسخيل، شاعر المثل الأعلى المدني الرفيع، والمعبر المتحمس – القوي عن نهضة المدينة القديمة، بل شعراء العصر الهيلينيستي، مثل الشعراء الذين يذكرهم كافافي: ميلياجر (140-70 قبل الميلاد) وكريناجور (القرن الأول قبل الميلاد) وريانوس (ولد عام 276 قبل الميلاد).

(**) يقال إن إسخيل طلب ألاَّ يُكتب على قبره إلاَّ أنه لم يكن سوى جندي، مع عدم الإشارة إلى منجزه الأدبي.


ترجمة بشير السباعي

0 التعليقات: