السوريالية مرة أخرى

بشير السباعي

من المؤسف أن ما اعتبره سمير غريب ... ردًا ... على ملاحظاتي النقدية على كتابه "السيريالية في مصر" والتي نشرتها هذه المجلة في عدد يونيو الماضي – لم يشكل مساهمة إيجابية في إثراء الحوار حول واحدة من أهم الظواهر الثقافية في فترة ما بين الحربين العالميتين، تلك الفترة التي سميت... عصر السوريالية.

وأود أن أسجل أن سمير غريب قد تورط في سوء فهم لست مسئولاً عنه. فأنا لم أتهمه بتزوير التاريخ بل وجهت هذا الاتهام بشكل محدد إلى "تلاميذ المرحوم هنري كورييل ومن يمشون في ركابهم عن علم أو عن جهل". ولا أعتقد أن سمير غريب واحد من هؤلاء التلاميذ.

أمَّا هو فقد اتهمته بالكسل وبالتسرع وبنسيان عدد من الحقائق التاريخية المهمة وبالتخبط. وقد ضاعف "الرد" من تمسكي بهذه الاتهامات!

السورياليون المصريون والسوريالية التاريخية

يرتبط تاريخ الحركة السوريالية المصرية ارتباطًا وثيقًا باسم الشاعر والناقد الكبير جورج حنين (1914-1973). ويذكر موريس نادو أن انتماء جورج حنين إلى التجمع السوريالي الذي قاده أندريه بريتون (1896-1966) يعود إلى عام 1936. وقد استمر ارتباط جورج حنين بهذا التجمع حتى عام 1948. وطوال تلك الفترة، كان هذا التجمع هو مصدر إلهام السورياليين المصريين. ومن هذه الزاوية، فإن النظر في مواقف هذا التجمع لا يمكن اعتباره مهمة تالية لمهمة الكتابة عن الحركة السوريالية المصرية كما يتصور سمير غريب، بل هو مهمة تفترضها مثل هذه الكتابة إذا كانت تريد التوصل إلى استنتاجات يمكن الركون إليها.

وقد تشكلت الحركة السوريالية المصرية في الوقت الذي كان فيه التجمع السوريالي الباريسي يمر بأزمة حادة فشل خلالها هذا التجمع في حلها عن طريق ارتباط سياسي بالماركسية الثورية وأخذ يتوحد أكثر فأكثر مع رؤى الاشتراكية الرومانتيكية [شارل فورييه (1772-1837)] والفوضوية التي لم تتوقف الحركة السوريالية عن رؤية نفسها في "مرآتها السوداء" كما ذكر بريتون نفسه.

والحال أن كتابات السورياليين المصريين خلال الفترة الممتدة من عام 1939 إلى عام 1948 تكشف عن مثل هذا التوحد. وقد دعا جورج حنين في كراس "هيبة الرعب" الصادر في القاهرة باللغة الفرنسية في عام 1945، إلى "سباحة في تيارات اليوتوبيا الزكية" وإلى "الإعلاء من شأن الأوهام المستحيلة".

ويذكر هنري بيهار وميشيل كاراسو أن "الدعوة إلى تأسيس أسطورة جديدة، والتي كانت ماثلة على الدوام في السوريالية، قد أصبحت أكثر إلحاحًا بعد عام 1939"، أي بعد نشوب الحرب العالمية الثانية. وطبيعي أن دعوة كهذه كان من المستحيل أن تساعد على حل أزمة الحركة السوريالية أو على حدوث تقارب سياسي ذي شأن مع التروتسكية.


السوريالية والسياسة

لم أزعم قط أن السوريالية "تنظيم سياسي" ولم أعتبر التجمع الذي التف حول أندريه بريتون "تنظيمًا سياسيًّا". ولا أدري كيف استنتج سمير غريب أنني قد زعمت زعمًا كهذا، خاصة وأنني قد أعددت برنامجًا عن جورج حنين أذاعه "البرنامج الثاني" بالإذاعة المصرية في 30 يونيو 1987 ذكرت فيه أن جورج حنين لم يرتبط بأي تنظيم سياسي، في مصر أو في فرنسا، وهو ما يعني ضمنيًّا أن التجمع السوريالي الباريسي الذي ارتبط به لم يكن تنظيمًا سياسيًّا.

وعلى الرغم من ذلك، فإن واقع أن السوريالية "ليست تنظيمًا سياسيًّا"، ليس من شأنه أن يجعل السوريالية بلا فكر سياسي أو بلا مواقف سياسية يمكن أن تقارن مع المواقف السياسية لتيارات أخرى كما فعلت في ملاحظاتي النقدية الموجزة.

لقد ذكر أندريه بريتون في "بيان السوريالية الثاني" (1930) أن المشكلة التي تتصدى السوريالية لحلها هي مشكلة التعبير الإنساني بكافة صوره وأن مشكلة الفعل الاجتماعي تعد إحدى صور هذه المشكلة الأكثر عمومية.

والحال أن سمير غريب لم يرصد في "الرد" المبدأ الرئيسي للسوريالية رصدًا صحيحًا. فهذا المبدأ ليس هو "حرية الفنان.." كما يزعم بل هو "حرية الإنسان" المفهومة فهمًا فوضويًّا.

ومنذ عام 1929، رصد الناقد والفيلسوف الألماني الكبير فالتر بنيامين (1892-1940) هذا المبدأ وتحدث بنبرة احتفاء عن إحياء السورياليين مفهوم الفوضويين عن الحرية وامتدح "عدمية" أندريه بريتون "الثورية".

ويشير الناقد المعروف روجر شاتوك إلى أن "السورياليين قد شكلوا أول تجمع مهم للفنانين منذ الرومانتيكيين يحاول ممارسة الفعل السياسي من أجل تحسين المجتمع ..".

وبالإضافة إلى المواقف السياسية التي أشرت إليها في ملاحظاتي على كتاب سمير غريب يمكن الإشارة إلى تقارب بريتون مع الاتحاد الفوضوي الفرنسي وتعاون السورياليين الفرنسيين مع صحيفة "لو ليبيرتير"، لسان حال الاتحاد الفوضوي الفرنسي، من أكتوبر 1951 إلى يناير 1953 وتأييد مجلة "لارشيبرا" لانتفاضة مايو 1968 في فرنسا، إلخ.

وإنها لسذاجة مفرطة أن يتصور سمير غريب أن السوريالية مجرد اتجاه فني وأدبي. ومن السذاجة الأفدح أن يتصور أنها لم تنشئ تنظيمًا سياسيًّا لهذا السبب.

لقد اعتبرت السوريالية نفسها مشروعًا لتغيير العالم ومزجت مشكلة الفن بمشكلة الوجود الإنساني. أما عزوفها عن إنشاء تنظيم سياسي – رغم انخراطها في السياسة فكرًا وفعلاً – فقد نشأ عن خوفها من طغيان الوسائل، وهو خوف تفسره أسباب فلسفية وتاريخية في آن واحد. وقد عبر جورج حنين عن هذا الخوف منذ وقت مبكر حين قال: "إن الأطر التنظيمية للسعي الإنساني، وكل ما يجرنا إلى اختزال الواقعي أوالمتصور، يقرر، حين ينجح، اختزالنا نحن. أما الإنسان المتفجر فهو وحده الذي لا يمكننا اختزاله إلى شحنته الأصلية". فهل فَهِمَ سمير غريب شيئًا!

بريتون – تروتسكي

يشير سمير غريب إلى الرسالة التي أرسلها تروتسكي إلى أندريه بريتون والمؤرخة في 22 ديسمبر 1938 والتي يحيِّى فيها الأول والأخير على مبادرته مع الرسام المكسيكي دييجو ريبيرا (1886-1957) والخاصة بتأسيس "الاتحاد الأممي للفن الثوري الحر". ويتصور سمير غريب أن الإشارة إلى هذه الرسالة يمكن أن تبدل معالم الصورة والتي حاولت رسمها في ملاحظاتي على كتابه والخاصة بالعلاقة بين بريتون وتروتسكي. وهو يحيلني، بالمناسبة، إلى كتاب آرتورو شفارتز. حسنًا.

إن هذه الرسالة – أيضًا – لا تقدم أية تنازلات للسوريالية. فهي تقتصر على الترحيب بمبادرة كان تروتسكي نفسه أحد أطرافها من الناحية الفعلية وعلى التأكيد على فكرة "أن النضال من أجل الأفكار الثورية في الفن يجب أن يبدأ مرة أخرى بالنضال من أجل الصدق الفني، ليس من زاوية أية مدرسة منفردة، بل من زاوية إيمان الفنان الذي لا يتبدل بذاته العميقة نفسها". ولعل في هذا الكلام – الذي اختار سمير غريب ألا يشير إليه – ما يبين أن تروتسكي لم يكم متحيزًا للسوريالية بشكل خاص.

ومن ناحية أخرى، أود أن أذكر سمير غريب الذي يتحدث عن "الأشهر الثلاثة" التي "قضاها" بريتون مع تروتسكي في المكسيك، بأن بريتون كان قد ذهب إلى المكسيك أصلاً لإلقاء سلسلة من المحاضرات حول حالة الشعر وفن التصوير في أوروبا وبأن الاجتماعات التي جرت بين تروتسكي وبريتون لم تزد عن عشرة اجتماعات، وكان السبب الرئيسي وراء عدم اختصارها إلى أقل من ذلك هو تكاسل بريتون في إعداد مسودة بيان "نحو فن ثوري حر" وهو تكاسل أثار استياء تروتسكي وهو استياء رصده جان فان هجينورت، الذي تابع اجتماعاتهما.

خلال المناقشات الأولى التي دارت بين تروتسكي وبريتون، انزعج تروتسكي من دفاع بريتون عن الروائي والفيلسوف الفرنسي، المركيز دو ساد (1740 - 1814) الذي كان بريتون يعتبره "سورياليًّا في السادية" وعن الشاعر الفرنسي، الكونت دو لوتريامون (1846 – 1870)، كما انتقد فكرة "الصدفة الموضوعية" ذات الأهمية المحورية في "الفلسفة" السوريالية وأخذ على بريتون أنه يريد الاحتفاظ بـ "نافذة تشرف على ما وراء العالم"!

وليسمح لي سمير غريب – بعد ذلك – بأن أصحح له عنوان كتاب أ. شفارتز الذي يحيلني إليه. فهذا الكتاب ليس عنوانه: "بريتون – تروتسكي" بل عنوانه: "أندريه بريتون، تروتسكي والفوضى". ولعل السبب في إسقاط سمير غريب لكلمة "الفوضى" من عنوان الكتاب يكون قد اتضح الآن!

السوريالية الخالدة والسوريالية التاريخية

لم يكن هناك مبرر لاستفاضة سمير غريب في الحديث عن الجماعات السوريالية الموجودة الآن، فأنا لم أزعم أن السوريالية قد اختفت بل زعمت – ومازلت أزعم – أن الحركة السوريالية التاريخية قد اختفت.

ومن المعروف أن أندريه بريتون هو الذي ميز بين ما وصفه بـ "السوريالية الخالدة" – الموجودة في جميع الثقافات وفي جميع الأزمنة والتي لن تكف عن الوجود مادام الإنسان موجودًا – وما وصفه بـ "السوريالية التاريخية"، أي الحركة المحددة التي أسسها – مع آخرين – في عام 1924 واستمرت قائمة حتى عام 1969، أي بعد ثلاث سنوات من موت أندريه بريتون. ففي ذلك العام حل التجمع السوريالي التاريخي نفسه وتوقفت عن الصدور مجلته ... لارشيبرا، التي لم تكن لسان حال تجمع جديد كما يزعم سمير غريب!

وعندما يدور الحديث عن السوريالية التاريخية فإنه يدور عن مواقف وإسهامات هذا التجمع بوجه خاص.

أما الجماعات السوريالية التي يتحدث عنها الصحافي الشاب فهي تنتمي إلى ما يصفه بريتون بـ "السوريالية الخالدة".

وإذا كان الناقد المعروف روجر شاتوك قد رأى أن السوريالية التاريخية قد اختفت غداة المعرض السوريالي الدولي الناجح في عام 1938، وأن الذي استمر من السوريالية بعد ذلك التاريخ هو "شبحها"، فإن هنري بيهار، أستاذ الأدب الفرنسي بجامعة السوربون الجديدة، ورئيس الجامعة ومدير تحرير "ميلوسين"، كراسات مركز الأبحاث الخاصة بالسوريالية، يختلف مع روجر شاتوك ويؤكد أن السوريالية التاريخية قد اختفت في عام 1969.

وبمناسبة التواريخ والتاريخ، لا أملك إلاَّ أن أسجل دهشتي إزاء تقليل الصحافي الشاب من شأن كتاب "أحاديث" لأندريه بريتون واستبعاده هذا الكتاب التأريخي لمجرد أن الكتاب عبارة عن مجموعة أحاديث إذاعية وصحفية!

على أن ما يثير قدرًا أكبر من الدهشة هو ادعاء سمير غريب أن أندريه بريتون أدلى بالأحاديث التي يتضمنها كتابه "فيما بين 1913 و 1952". وهو ما يعني أن بريتون بدأ يدلي بأحاديث إذاعية وصحافية منذ أن كان في السابعة عشرة من العمر وقبل ست سنوات من صدور أول كتاب له!

وواضح أن صاحبنا لم يقرأ الكتاب الذي يتحدث عنه واكتفى بقراءة صفحة العنوان الداخلية التي تقول: (أحاديث "1913-1952"). والحال أن 1913 ليس تاريخ حديث أدلى به بريتون، بل هو تاريخ العام الذي بدأ من عنده بريتون سرد سيرته الواعية لأندريه بارينو في عام 1952! أما الأحاديث الأخرى التي تضمنها الكتاب – والتي لا تؤلف غير أكثر قليلاً من ربع صفحاته – فإن أقدم حديث بينها يعود إلى عام 1941!

ومن جهة أخرى، وعلى الرغم من أنني لم أقل أن كتاب "أحاديث" هو كتاب "كتبه" بريتون، إلاَّ أن بريتون، كما يؤكد ذلك رينيه بيرتليه في تقديمه للكتاب، قد أعاد كتابة نصوص الأحاديث الإذاعية الستة عشرة التي أدلى بها لأندريه بارينو بعد إفراغ الشرائط على الورق!

أنور كامل

يتبنى سمير غريب "منهجًا" شاذًّا في تحديد الهوية الفكرية والسياسية لعدد من الشخصيات التي تركت بصمات واضحة على تاريخنا الثقافي والسياسي. وشرط تطبيق هذا "المنهج" الشاذ هو أن تكون الشخصية محل البحث قيد الحياة بحيث يمكنها أن تكون "حَكَمًا" بين الباحثين، وإلاَّ فإن تحديد هويتها الفكرية والسياسية سوف يظل لغزًا إلى أبد الآبدين!

والحال أن تحديد هوية أنور كامل (ولد عام 1913) الفكرية والسياسية لا يتوقف على "شهادة" يدلي بها أنور كامل: فكتاباته موجودة بين أيدينا وتاريخه السياسي ليس سرًّا بل هو ملك لجميع الباحثين.

لقد كتب أنور كامل بين عامي 1936 و1948 ستة كتب، عدا المقالات التي نشرت له في عدد من المجلات والصحف المصرية. وكل هذه الكتابات تكشف عن شخصية ذات ميول مركبة يصعب تصنيفها بالأسلوب الساذج الذي اعتمده سمير غريب في الحديث عن أنور كامل في كتابه.

ومن ناحية أخرى، إذا كان لابد من شهادة أنور كامل، فلماذا لم يبحث عنها سمير غريب خاصة وأن الرجل قد أدلى بها بالفعل في "أحاديث" مع الباحثة الأمريكية س. بوتمان – على مدار ساعات – في عام 1980؟

لقد نفى أنور كامل في هذه الأحاديث أنه كان تروتسكيًّا في أي يوم من الأيام، سواء كان ذلك عند إصدار مجلة "التطور" (1940) أم بعد ذلك!

سمير غريب مترجمًا

يزعم سمير غريب أن الترجمات الخاطئة التي يحفل بها كتابه ليست أكثر من "أخطاء مطبعية" (يالها من شماعة!) ويدلل على ذلك بأن "أي قارئ ولو متسرع للكتاب يدرك على الفور أن من ترجم نصًّا في منتهى الصعوبة مثل "ملاحظات على زهد هستيري" وغيره من النصوص لا يعجز عن معرفة الفرق بين النمسا واستراليا".

وإذا لم يكن هذا القارئ متسرعًا؟!

لن أتوقف عند حشد الترجمات الخاطئة التي تورط فيها سمير غريب في كتابه وفي "الرد" الذي نشرته له هذه المجلة ( في ذلك الرد ترجم صاحبنا اسم جدانوف (بتعطيش الجيم) إلى "زادانوف"!) والتي ليست أخطاء مطبعية بحال من الأحوال. يكفي أن آخذ جملة أو جملتين من ترجمته التي يفاخر بها لنص جورج حنين ورمسيس يونان "ملاحظات على زهد هستيري" حتى نرى حجم الكوارث التي تترتب عادة على ترجمته:

يقول جورج حنين "هذا العالم الذي لم يعد ينجح أبدًا إلاَّ حين يولد من حركةٍ زائفة، يهمنا أن نعمل على أن يظل بلا حراك. إن شيئًا في داخلنا ينبهنا إلى أننا لو أعدنا له انطلاقه، فسوف نسمح له بذلك بأن ينتظم ضدنا".

ويترجم سمير غريب هذا النص ترجمةً تجعل منه نصًّا مضادًّا للنص الأصلي فيقول: "نعمل على بقائه ساكنًا هذا العالم الذي لا ينجح أبدًا إلا حينما يولد من حركة مزيفة. ثمة شيء داخلنا يحثنا على أن نعيد له حريته، أن نسمح له بأن ينتظم ضدنا" (ص183 من كتاب سمير غريب)!

أغرب من غريب

حتى تاريخ كتابة هذه السطور، لم ينشر غريب تكذيبًا لادعاء مختار العطار في مجلة "المصور" الأسبوعية – عدد 17 يوليو 1987 – أن سمير غريب هو مترجم قصائد جورج حنين الخمس المنشورة ضمن ملاحق كتاب "السيريالية في مصر"، على الرغم من أن سمير غريب نفسه لم يزعم ذلك في تقديمه لهذه القصائد بل أشار إلى المصادر التي نقل عنها هذه القصائد المترجمة. والحال أن سكوت سمير غريب على الرد على ادعاء مختار العطار هو الوجه الآخر – والمتمم ... لـ "الرد" على ملاحظاتي النقدية. وأعتقد أن هذا الواقع وحده يكفي لإظهار جانب من "الأمراض المتفشية في الوسط الثقافي عندنا" والتي يتحدث عنها سمير غريب – يتحدث وحسب – كثيرًا!

سمير غريب منتحلاً

عندما كتبت ملاحظاتي النقدية الموجزة التي نشرتها هذه المجلة في عدد يونيو الماضي لم أكن قد قرأت بعد كتاب ساران أليكسندريان عن جورج حنين. وعندما وصلتني نسخة من الكتاب فوجئت عند الاطلاع عليها بأن سمير غريب قد استولى على شرائح لا بأس بها من كتاب أليكسندريان وأعاد تسكينها – من خلال عملية مونتاج مكشوفة – ضمن كتابه الذي لا يتجاوز متنه الرئيسي 115 صفحة!

وجلي أن إشارة سمير غريب، بين الحين والآخر، إلى كتاب أليكسندريان لا تلعب غير دور ثانوي: دور ذر الرماد في عيون القراء بينما يجري التستر على مصدر الكلام في أغلب الحالات.

ويجد القارئ مع هذه الملاحظات صورتين كاشفتين للمهزلة، التي لا يتحمل المسئولية عنها سوى سمير غريب وحده!.

[ يجد القارئ هاتين الصورتين في الصفحة 50 من كتابي "مرايا الإنتلجنتسيا" الصادر بالإسكندرية عن دار النيل عام 1995.]

مجلة "القاهرة"، القاهرة، ديسمبر 1987

0 التعليقات: