العام الخامس والعشرون من حياته

قسطنطين كافافي

العام الخامس والعشرون من حياته

يثابرُ على الذهاب إلى الحانة

حيث تَعَارَفا الشهر الماضي


كان يسألُ؛ لكنهم لم يدروا ماذا يقولون له.

من كلامهم، فهم أنه على علاقةٍ

بواحدٍ مجهولٍ تماماً

واحدٍ من أولئك الشبان الكثيرين

المجهولين، الغامضين، الذين كانوا يمرون بالمكان.

ومع ذلك يثابرُ على الذهاب إلى الحانةِ، ليلاً،

ويجلسُ، ويرنو إلى المدخل؛

حتى الضنى، يرنو إلى المدخل.

علَّهُ يظهر. هذا المساء، علَّهُ يجيء.


على مدارِ ثلاثةِ أسابيع والحالُ هي الحال.

دماغهُ مريضةٌ بالشهوة.

فالقبلاتُ قد بقيت على شفتيه.

نداءُ جسدِهِ كلُّهُ يكابدُ رغبةً لا تفترُ أبدًا.

ملمسُ هذا الجسد على جسده.

يودُّ لقاءَهُ .


مفهومٌ تمامًا أنه يجتهدُ في ألاَّ يفضح نفسه.

لكنه أحيانًا قلَّما يهتمُّ بذلك.

ثم إنه يعرفُ لأيِّ شيءٍ يُعرِّضُ نفسه؛

وقد استسلمَ لذلك.

ليس من غير الواردِ

أن تقودَهُ حياتهُ إلى فضيحةٍ كارثية.

ترجمة: بشير السباعي

عن ترجمة ج. أ. بابوتساكيس الفرنسية


عُودي

قسطنطين كافافي

عُودي

عُودي كثيرًا واغمريني،

أيتها الإثارة العزيزة، عُودي واغمريني،

عندما تصحو ذكرى الجسد

وتَسري في الدم من جديدٍ رغبةٌ قديمة؛

عندما تتذكر الشفتان ونداءُ الجسد

وتُصَدِّقُ اليدان أنهما تَلمسان من جديد.

عُودي، كثيرًا، واغمريني،

عندما تتذكر الشفتان ونداءُ الجسد...

ترجمة: بشير السباعي

عن ترجمة س. بيير بيتريديس الفرنسية


رمادي

قسطنطين كافافي

رمادي

بينما كنتُ أتأمَّلُ الأطيافَ الرماديةَ لأوبالٍ(*)

عادت إليَّ ذكرى عينينِ رماديتينِ جميلتين

عَلَّني رأيتهما قبل عشرين عامًا.

------------

على مدار شهرٍ، تَبَادَلنا الحب

ثم رَحَلَ، أَظُنُّ إلى إزمير، لعملٍ؛

لم نلتق ثانيةً قط.

لابد أنهما فقدتا بريقهما – إن كان مازال حيًّا –

هاتانِ العينانِ الرماديتانِ الجميلتان؛

لعلَّ الوجهَ الجميلَ شاخ.

أمَّا أنتِ، يا ذاكرتي،

فاحفظيهما على نحو ما كانتا عليه.

وأعيدي إليَّ، يا ذكرى هذا الحب،

قَدرَ ما يمكنكِ،

قَدرَ ما يمكنكِ

أعيديه إليَّ هذا المساء.

ترجمة: بشير السباعي

عن ترجمة فرانسوا سوماريبا الفرنسية

(*) الأوبال: حجر كريم يتميز بتبدل ألوانه.

البحرُ الصباحي

قسطنطين كافافي

البحرُ الصباحي

فلأتوقف هنا. فلأتأمل قليلاً،

أنا أيضًا، الطبيعةَ.

لونٌ بنفسجيٌّ جميلٌ في البحر

لسماءٍ صباحيةٍ وصافية.

وضفةٌ صفراءٌ بلون الكناري؛

كلُّ شيءٍ جميلٌ هنا،

وعظيمٌ ومضيء.


فلأتوقف هنا. ولأخدع نفسي

بإقناع نفسي أنني أرى كلَّ هذه الأشياء

(الحقُّ إنني رأيتُها لبرهةٍ، حين توقفتُ)

وليس، هنا أيضًا، أوهاميَ،

ذكرياتيَ، رؤايَ الشهوانية.

ترجمة: بشير السباعي

عن ترجمة س. بيير بيتريديس الفرنسية