نوايا تستحق الرثاء





تتكاثر الملل والنحل الإسلامية في أزمنة الأزمات، وتؤدي كلُّ أزمةٍ جديدة إلى انشقاقاتٍ وانقساماتٍ وظهور مللٍ ونحلٍ جديدة تصطدم، بدورها، بجدل عصرنا الذي لا يرحم والذي لا يبدو أن هذه الملل والنحل على استعداد لأخذه مأخذ الجد.

في هذا السياق، تندرج مقدمة مركز مدارات للأبحاث والنشر للطبعة الجديدة من ترجمتنا (أحمد حسان وأنا) لكتاب تيموثي ميتشل "استعمار مصر". وهي مقدمةٌ فُوجئتُ بها تمامًا بعد انصراف الناشرين من لقاءٍ سريعٍ معي أمس بمعرض القاهرة الدولي للكتاب لتسليمي نسخةً من الكتاب.

وبما أن كتاب ميتشل هو المطبوعة الأولى للمركز المذكور، فإن مقدمة المركز قد تكون البيان الأول لهذه الملة أو النحلة التي تومئ إلى أنها ليست إخوانية بل جهادية!

وبما أنني لست معنيًّا – في هذه السطور القليلة – بمناقشة أطروحات هذا البيان التي تنطلق من العداء الحاسم للحداثة باسم هويةٍ إسلاميةٍ متخيَّلة، فسوف أكتفي بالإشـارة إلى أن "أخلاق النية" التي يتمسـك بها كاتبو المقدمة –البيان- ضد "أخلاق النتيجة"- قد كشفت عن عوار "أخلاق النية"، وذلك بقدر ما أن ممثلي المركز المذكور لم يفصحوا لي عن نيتهم المبيَّتة في محاولة اختطاف مجهود ميتشل ومترجمَيْ كتابه لأجل أهدافٍ من الواضح أنهم لا يتقاسمونها مع هؤلاء الممثلين الذين يتبنون أطروحاتٍ لا تُشكِّلُ غير إعادة تعبيرٍ عن أزمةٍ فكريةٍ عميقة، مُحايِثَةٍ لمنطلقات هذه الأطروحات.

ومن جهتي، فإنني أرى في هذه النية المبيَّتة التي فُوجئتُ بها، بعد أن صارت واقعًا عيانيًّا، دليلاً على أزمةٍ أخلاقيةٍ أيضًا!

بشير السباعي
5 فبراير 2013