أليكس كالينيكوس
ترجمة بشير السباعي
الماركسية، كما يعلم الجميع، ماتت! ولذا فمن دواعي الاستغراب كل ذلك الذي تبديه على المستوى الثقافي من أمارات الحياة. لقد قوبل ترفيع تيري إيجلتون مؤخراً إلى الأستاذية في جامعة أكسفورد بسخطٍ عارم، خاصةً بسبب الاعتراف الأكاديمي الذي خلعه هذا الترفيع على ماركسيٍ غزير الإنتاج وغير ميال إلى التبريرية. على أن المحاولات التي بذلت لتوجيه نقد جاد إلى عمل إيجلتون، خلافاً للشتائم الرخيصة، كانت نادرة(1). وإيجلتون ليس غير واحد من عدد من الماركسيين البارزين في حقل الدراسات الثقافية. ونظيره الأشهر عبر الأطلسي هو فريدريك جيمسون، الناقد والمنظر الأكبر سناً إلى حد ما، والذي كان يدرس من قبل في جامعة ييل ويدرس الآن في جامعة دوك.
وجيمسون مؤلف لعدد من الدراسات البارزة، خاصةً "الماركسية والشكل" (1971) و"اللاوعي السياسي" (1981)، المعنيين بصوغ نظرية ماركسية عن الأدب. على أنه مشهور، على الأرجح، بمقال نشر في مجلة "نيوليفت ريفيو" في عام 1984 تحت عنوان "مابعد الحداثة، أو المنطق الثقافي لرأسمالية أيامنا". وباستثناء كتاب جان – فرانسوا ليوتار "الحالة بعد الحداثية"، ربما كان ذلك المقال المحاولة الأوسع نفوذاً لصوغ الفكرة التي تذهب إلى أننا نحيا في عصر "بعد حداثي" جديد بشكل مميز – وهي فكرة أصبحت حقيقة مقدسة عند قسم واسع من الإنتلجنتسيا الغربية في الثمانينيات. وكان مقال جيمسون نقطة مرجعية رئيسية بالنسبة للأدبيات الأكاديمية الواسعة التي انتشرت بشكل رئيسي في الولايات المتحدة حول هذا الموضوع، والتي تشمل أيضاً مجلداً يتضمن أبحاثاً مكرسة لمناقشة وجهات نظره(2). وقد أعيد الآن نشر المقال إلى جانب كتابات أخرى لجيمسون حول ما بعد الحداثة في الكتاب الذي نعرض له، الأمر الذي يتيح فرصة مفيدة للنظر في عمله(3).
ولكن لنقل أولاً كلمة عن ما بعد الحداثة. إن المصطلح يستوعب ثلاثة تطورات مرتبطة:
1) رد الفعل الجمالي على الحداثة الرفيعة والذي برز على مدار السنوات الخمس والعشرين الماضية والذي يمكن رصده في عدد من الوسائط – خاصة العمارة، حيث حلت الزخرفة والإحالة التاريخية محل الكتل الصلبة التي تناطح السحاب المميزة لزمن ما بعد الحرب (العالمية الثانية)، إلا أن بالإمكان رصده أيضاً في الرسم والأدب،
2) الأفكار الفلسفية المرتبطة بجماعة المفكرين الفرنسيين في الستينيات المجموعين معاً تحت اسم ما بعد البنيوية – خاصة جيل دولوز وجاك دريدا والراحل ميشيل فوكوه – والذي يجمع بينهم نفي وجود أي واقع مستقل عن الفكر واللغة الإنسانيين ونفي أي تماسك واستقلال للشخص الفرد،
3) النظريات الاجتماعية التي تؤكد أن الرأسمالية الصناعية قد حل محلها "مجتمع بعد صناعي" لا تنطبق عليه التناحرات الطبقية بين البورجوازية والبروليتاريا(4). وتتمثل مساهمة ليوتار المميزة في القول بأن هذه الظواهر الثلاث كلها ترتبط فيما بينها، وأنها كلها تعبر عن سقوط "المرويات الكبرى"، أي فلسفات التاريخ التي بلغت الذروة عند هيجل وماركس والتي حاولت دمج مجمل الوجود الإنساني في نمط ذي معنى تتحد فيه المعرفة والتحرير، العقل والحرية. وقد أفرزت "المرويات الكبرى" (معتقل) أوشفيتز (النازي) و(معسكرات الاعتقال والسخرة الستالينية) في أرخبيل جولاج؛ وتعبر ما بعد الحداثة عن المفهوم الذي يذهب إلى أن من الضروري "خوض حرب ضد الكلية"، والإعلاء بدلاً من ذلك من شأن فنون وعلوم المجتمع بعد الصناعي، والتي تتمثل فكرتها الرئيسية في التجزؤِ بدلاً من التماسك(5).
ولابد أن يكون واضحاً أن حجج ليوتار لا يمكن للماركسيين ببساطة تبنيها بشكل غير انتقادي – فهي بصرف النظر عن أي شيء آخر تتضمن إعادة صياغة للنظرية اللبرالية القديمة المعروفة عن الشمولية، ذات الأهمية المحورية لدعاية الحرب الباردة الغربية، والتي تذهب إلى أن الماركسية والفاشية قد انبثقتا من جذور واحدة، وأن الكارثة سوف تعقب أية محاولة للتخلص من السوق الحرة. إلا أنه، كما تكشف، كانت هناك طريقتان رئيسيتان لرد فعل المثقفين اليساريين على ما بعد الحداثة. فقد تمثل رد الفعل الأول في الرفض الصريح: ولعل النموذج الأكثر تميزاً لهذه الاستراتيجية هو كتاب "خطاب الحداثة الفلسفي" (1985) للفيلسوف والمُنَظِّر الاجتماعي الألماني يورجين هابرماس، والذي يقدم نقداً ساحقاً لما بعد البنيوية ومقدماتها في كتابات نيتشه وهايدجر، وقد اتبعت المسار نفسه وإن كان من منظور ماركسي أكثر أرثوذكسية بكثير، كما فعل كريستوفر نوريس(6).
أما النهج الثاني فقد سلكه جيمسون – نهج "إنْ لم يكن بوسعك ضربه فلتنضم إليه، نهج إدماج أفكار رئيسية بعد حداثية في النظرية الماركسية، معاملتها بوصفها رصداً دقيقاً بصورة جزئية لظواهر واقعية"(7). ويلخص جيمسون نفسه هذه الاستراتيجية في نهاية كتابه:
"بين الحين والآخر كنت أشعر بالضجر من شعار "مابعد الحداثة" شأني في ذلك شأن أي إنسان آخر، إلا أنني عندما كنت أميل إلى الأسف لتواطئي معه، والأسف لإساءات استخدامه وسمعته الفاضحة، وعندما كنت أميل إلى أن أستنتج على مضض أنه يثير مشكلات أكثر من تلك التي يحلها، كنت أتوقف لأتساءل عما إذا كان بإمكان أي مفهوم آخر إبراز القضايا بمثل هذه الطريقة الفعالة والمقتصدة.
"والاستراتيجية البلاغية للصفحات السابقة تتضمن تجربة، أي محاولة لمعرفة ما إذا كان ليس بوسع المرء، من خلال منهجة ما هو غير منهجي بشكل حازم وإضفاء طابع تاريخي على ما هو غير تاريخي بشكل حازم، تطويقه وشق طريق تاريخي للتفكير في ذلك على الأقل.
"يجب أن نسمي النظام" : إن ذروة الستينيات هذه تجد بعثاً غير متوقع في المناقشة الدائرة حول ما بعد الحداثة".(8)
وبشكل ملموس أكثر، فإن جيمسون يرى أنه يجب النظر إلى ما بعد الحداثة على أنها الفن المميز لمرحلة خاصة من مراحل التطور الرأسمالي. فالرأسمالية الآن، بالفعل، في مرحلتها الثالثة. والمرحلة الأولى، مرحلة الرأسمالية الكلاسيكية أو التنافسية، كان لها نظير ثقافي في واقعية روائيي القرن التاسع عشر الكبار – بلزاك، ديكنز، تولستوي. وأدت الرأسمالية الاحتكارية إلى ظهور حداثة أوائل القرن العشرين – حداثة بيكاسو وجويس ولو كوربوزييه. أما الآن فإننا نحيا في العصر الذي يسميه جيمسون بعصر "رأسمالية أيامنا أو الرأسمالية المتعددة الجنسيات أو الاستهلاكية". وهو يستقي هذا التقسيم للعهود من عمل التروتسكي البلجيكي إرنست مندل، الذي "نظر" كتابه "رأسمالية أيامنا" "لأول مرة لمرحلة ثالثة للرأسمالية من منظور ماركسي بشكل صالح للاستعمال. وهذا هو ما جعل أفكاري الخاصة عن "مابعد الحداثة" ممكنة، ولذا فيجب فهمها على أنها محاولة لتنظير المنطق المحدد للإنتاج الثقافي لتلك المرحلة الثالثة".
وفي الأقسام الاستهلالية الرائعة لمقاله المنشور في عام 1984، يستخدم جيمسون عمل آندي وورهول بشكل خاص لتمييز ما يعتبره السمات المميزة للفن بعد الحداثي – "انعدام جديد للعمق"، "ذبول تحريك العواطف"، تجزيء الذات، اختزال الماضي إلى مصدر لخلائط لا نهاية لها من القطع الفنية المتنوعة، كما في الميل للأساليب الارتجاعية الرائجة وما يسميه بـ "فيلم الحنين إلى الماضي"، معايشة انفصامية للعالم يحل فيها "التصور المتوقد للاختلاف الجذري" محل أي إحساس بعلاقات تلعب دوراً توحيدياً، "انتشاء مهلوس جديد غريب" تجاه "قفزة لا مثيل لها إلى اغتراب الحياة اليومية في المدينة". ويرى جيمسون أن هذه الخصائص للفن المعاصر لا يمكن فهمها إلا في سياق رأسمالية أيامنا: "أنقى شكل لرأس المال يظهر الآن، توسع ضخم لرأس المال في مناطق كانت حتى الآن لاتعرف الاقتصاد السلعي. وهكذا فإن رأسمالية أيامنا هذه الأكثر نقاء تزيل جيوب التنظيم قبل الرأسمالي التي كانت تتسامح معها حتى الآن وتستغلها بشكل خراجي. ويميل المرء إلى الحديث في هذا الصدد عن اختراق واستعمار جديدين وأصيلين من الناحية التاريخية للطبيعة وللاوعي: أي تدمير زراعة العالم الثالث قبل الرأسمالية عن طريق الثورة الخضراء، وصعود صناعة وسائل الإعلام والإعلان".(9)
ويتمثل أحد السبل لتلخيص الصلة التي يراها جيمسون بين رأسمالية أيامنا وما بعد الحداثة في فكرة "المسافة النقدية". فالمراحل الأسبق للفن البورجوازي قد حافظت دائماً على مسافة معينة بين الإنتاج الثقافي والمجتمع البورجوازي: فقد سعى الواقعيون إلى اختراق مظاهر الحياة اليومية والتوصل إلى مفهوم معين عن الكل الاجتماعي؛ والحداثيون خلقوا عبادة للعمل الفني نفسه، مشيدين بانفصاله عن المألوف البورجوازي. على أن الفن بعد الحداثي إنما يتميز على وجه التحديد بواقع أن "المسافة بوجه عام (بما في ذلك "المسافة النقدية " بوجه خاص) قد ألغيت بشكل محدد للغاية"، وهو تطور يتطابق مع الطريقة التي، من خلالها، "ينتهي التوسع الضخم الجديد لرأس المال المتعدد الجنسيات إلى اختراق واستعمار تلك الجيوب قبل الرأسمالية عينها (الطبيعة واللاوعي) التي منحت مرتكزات خارج – أرضية وأرشميدية للفعالية النقدية". وهكذا يعتبر جيمسون مفهوم ما بعد الحداثة مفهوماً مفيداً لأنه يستملك "لحظة حقيقة"، أي "كل هذا المجال الجديد الأصيل المؤدي إلى التفسخ والإحباط بشكل غير عادي"، مجال رأسمالية أيامنا.(10)
ويطور جيمسون نقاشه ببلاغة ورهافة لا يمكنني نقلهما هنا ولا يمكن استيعابهما إلا بقراءة بحثه الأصلي عن ما بعد الحداثة. والمشكلة هي أن هناك الكثير مما يمكن منازعته في كل من حدي العلاقة التي يراها، أي رأسمالية أيامنا والفن بعد الحداثي, ففي المقام الأول، وأياً كان رأي المرء في كتاب ماندل "رأسمالية أيامنا"، فإنه معني بتقديم تفسير لرواج ما بعد الحرب (العالمية الثانية) الذي جربته الرأسمالية الغربية ولمرحلة الأزمات التي دخلتها فيما بعد في أواخر الستينيات. لكن الستينيات، كما أشار إلى ذلك مايك ديفيز، هي بالتحديد اللحظة التي يرى فيها جيمسون انبثاق الفن بعد الحديث، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يشخص رأسمالية اليوم على أنها تشهد توسعاً لا أزمة (11) ولا يرد جيمسون على انتقادات ديفيز إلا بشكل جد متسرع ومستخف. وبشكل أعم، فإنه عبر كل هذا المجلد لا يكاد يبذل أي جهد لتطوير فكرة "الرأسمالية المتعددة الجنسيات" أو البرهنة عليها. وقد بذل آخرون جهداً أكثر جدية لعمل ذلك. ولا شك أن أهم مثال لمثل هذا العمل هو عمل المُنَظِّر الحضري الماركسي ديفيد هارفي، الذي يستخدم المفهوم الرائج عن "التراكم المرن" سعياً إلى تمييز الأساس الاقتصادي لـ "حالة ما بعد الحداثة"، مع أنه يجب الإشارة إلى أن هارفي يتردد في وصف "التراكم المرن" بأنه مرحلة جديدة متميزة للتوسع الرأسمالي ويشدد على عدم استقرار وهشاشة الاقتصاد العالمي المعاصر(12). وهذا الحذر مشروع: فالتدويل الأعظم لرأس المال على مدار الجيل الماضي لا يمثل بحال من الأحوال تحقيق الاستقرار للرأسمالية، بل إنه لا يؤدي إلاَّ إلى احتداد تناقضاتها الداخلية. وهذا زعم لا يقدم جيمسون حجة ولا برهاناً لتفنيده(13).
وكما يمكن للمرء أن يتوقع فإن لديه كلاماً أكثر بكثير عن طبيعة الفن بعد الحداثي، كما يبين يوجين لان، يتميز بأربع سمات هيكلية – "الوعي الذاتي الجمالي أو الانعكاس الذاتي"، "التزامن، التجاور أو"المونتاج" ، "المفارقة، الالتباس وانعدام اليقين" و"نزع الطابع الإنساني" وزوال الذات الفردية المتكاملة أو زوال الشخصية" (14). وعادة ما ينسب دعاة فن بعد حداثي بشكل متميز سمة أو أكثر من سمات الحداثة هذه إلى أعمال يريدون الزعم بأنها بعد حداثية (15). ومما يؤسف له أن جيمسون ليس فوق مثل هذه المناورات (16). إلا أنه، بشكل نموذجي أكثر، يسعى إلى تمييز الأعمال الفنية بعد الحداثية عن الأعمال الحداثية ليس من زاوية بنيتها الشكلية أساساً وإنما من زاوية علاقتها بالمجتمع ومفهومها عنه.
وهكذا يرى جيمسون (متبعاً هنا فكرة لبيري أندرسون):
"أن الحداثة يجب النظر إليها إذاً على أنها تتطابق بشكل فريد مع لحظة متفاوتة في التطور الاجتماعي، أو مع ما وصفه إرنست بلوخ بـ "تزامن غير المتزامن" ...: تعايش حقائق من لحظات تاريخية مختلفة جذرياً – الحرف اليدوية إلى جانب الكارتيلات الكبرى، حقول الفلاحين التي لا تبعد عنها كثيراً مصانع كروب أو أحد مصانع فورد"(17).
وبالمقابل، على أية حال، فإن "مابعد الحداثة حداثية أكثر من الحداثة نفسها" لأنه في رأسمالية أيامنا:
"ينتصر التحديث ويمحو القديم تماماً: إذ يجري إلغاء الطبيعة جنباً إلى جنب الريف التقليدي والزراعة التقليدية، بل إن الآثار التاريخية الباقية، التي أصبحت الآن كلها مغسولة من التراب، تصبح مظاهر لامعة للماضي، لا بقاءً له. فالآن كل شيء جديد، إلا أنه للسبب نفسه، فإن مقولة الجديد نفسها تفقد معناها وتصبح نوعاً من موروث حداثي"(18).
يبدو لي هنا أن جيمسون يتطلع إلى شيء ما (وإن كان من المبالغة، كما هو واضح، القول بأن الرأسمالية قد ألغت الطبيعة، مثلما هو من الصعب، على أقل تقدير، فهم السبب في أن الطبيعة واللاوعي يشكلان، كما زعم من قبل، "جيبين قبل رأسماليين"). لقد توجهت الحداثة بشكل رائع في أواخر القرن التاسع عشر في مجتمعاتٍ – ألمانيا، روسيا، إيطاليا، فرنسا، - تتميز بتطور متفاوت ومركب، بتعايش الرأسمالية الصناعية الآخذة في التوسع بسرعة وأشكال أقدم للسيطرة الاجتماعية. إن تقنياتها الشكلية، كالمونتاج، قد ساعدت على تسليط الضوء على التجاور الغريب لأساليب الحياة والتفكير المتقدمة والمتخلفة. كما سمحت لحركات طليعية كالتركيبية في روسيا والسوريالية في فرنسا بتخيل فن لا يكون، كما تصور بروست وجويس، ملاذاً من العالم، بل وسيلة لإلغاء التمايز بين الفن والحياة اليومية وذلك كجزء من النضال من أجل تغيير الحياة اليومية نفسها. لكن هزيمة الثورة الاشتراكية في فترة ما بين الحربين (العالميتين) قد جعلت من الممكن، ليس فقط توسع الرأسمالية الغربية بعد عام 1945 وإنما أيضاً استيعابها للحداثة في الثقافة الرفيعة البورجوازية (19).
ومن هذا المنظور ربما كان جيمسون محقاً في "الحديث عن انفراجة ما بعد الحداثي، التي هي، بوجه عام، إزالة عاصفة للعقبات وإطلاق لإنتاجية جديدة كانت إلى حد ما محتدمة ومجمدة وحبيسة كالعضلات المتقلصة في نهاية الفترة الحداثية". ولا شك أن رد الفعل المضاد لعقم وشكلية ما يسمى أحياناً بحداثة أيامنا كان تطوراً ضرورياً بل وربما كان يستحق الترحيب. على أن من الأنسب النظر إليه على أنه استمرار للحداثة، يستخدم الصيغ الشكلية نفسها في سياق اجتماعي وسياسي مختلف للغاية عن سياق انبثاقه. ومن المهم بشكل خاص التشديد على هذه النقطة لأن إحدى الظواهر الثقافية المعاصرة الأكثر وضوحاً هي نوع من ابتذال الأفكار والموضوعات الرئيسية الحداثية. وأنا لا أفكر هنا في مجرد ظهور صور حداثية في وسائل الإعلام الجماهيري – وإن كانت الكلمات تخونني أحياناً، مثلما حدث حينما واجهت استخدام صورة فوتوغرافية تركيبية شهيرة لِمُنَظِّر البروليت كولت (الثقافة البروليتارية) أوسيب بريك في بيع الرانجلر جينز. وتتمثل إحدى السمات المميزة للموجة الكبرى للأعمال الحداثية في أواخر القرن الماضي في تنمية انفصال ساخر معين عن الواقع: لقد جرى تجريد العالم من أية أهمية أصيلة، وجرت معاملته بوصفه وسيلة لسعي الفنان إلى التعبير عن نفسه (20). وهذا الانفصال عن العالم يساعد على فهم التباس الحداثة السياسي، انفتاحها لفاشيين مثل سيلين وماركسيين مثل بريشت. لكن السخرية، في الثقافة المعاصرة، قد كفت عن أن تكون ملكية لنخبة فنية صغيرة وصارت ظاهرة جماهيرية، يتقاسمها لفيف واسع من المديرين والمهنيين الذين يبدو الموقف المنفصل، الهازئ، أنسب رد لهم على عالم لم يعد بوسعهم لا الإيمان بعدالته ولا الإيمان بإمكانية تغييره.
وربما بسبب السياسة المضمرة في موقفه، أكثر مما بسبب أي شيء آخر، أرى أن من الأفضل الوقوف ضد ما بعد الحداثة بدلاً من "تطويقها" أو حتى دمجها جزئياً، كما يفعل جيمسون، فما يكمن في أساس استراتيجيته هو طبعة خاصة من الهيجيلية، لا يكون فيها أي موقف نظري خاطئاً ببساطة أبداً بل يتضمن دائماً فكرة عميقة ما يجب دمجها في آراء الناقد الخاصة. وهذا يقود جيمسون إلى أن يكون متسامحاً بشكل مسرف مع ما بعد البنيوية بشكل عام ومع كتابات جان بودريار عديمة القيمة إلى حد بعيد بشكل خاص (21). وأنا أعتقد أن المبرر الفلسفي الكامن في أساس هذا التسامح لا يصمد للنقد. فحتى عندما يدمج المرء فكرة عميقة ما مستمدة من وجهة نظر محل نقد في نظريته الخاصة فإن النتيجة تكون شيئاً جديداً: إن ماركس لم يضف ببساطة مذهب ريكاردو إلى أفكاره هو بل قام بتحويلها. وأياً كان الأمر، فمن الضروري أحياناً عدم الانخراط في حوارٍ والسعيِ إلى تخليص الصحيح من الزائف في موقف الآخر، بل رسم خط فاصل وخوض نضال.
أما معرفة متى يجب النضال، حتى في أكثر مجالات النظرية تعقيداً، فهي في نهاية المطاف مسألة سياسية. إلا أنه في مجال السياسة بالتحديد يتميز جيمسون بأكثر تردد. فهو أحياناً يكون رائعاً بصورة مطلقة، كما هي الحال، مثلاً، حين يدين "استسلام اليسار، دون أن أذكر الآخرين، لمختلف أشكال إيديولوجية السوق"، وحين يشير بشكل تهكمي مر إلى عربة موسيقى اشتراكية السوق: "اليوم نجد أنفسنا مضطرين إلى الموافقة على الافتراض الذي يرى أن الاشتراكية لم تعد لها في الواقع علاقة بالاشتراكية نفسها". وعلى الرغم من ذلك، فإن جيمسون يسمح لنفسه، بعد ذلك بصفحات، بالتفوه بزعم يدل على سذاجة سياسية مدهشة: "إن إحساسي، في الواقع، هو إن فشل تجربة خروشوف لم يكن كارثياً بالنسبة للاتحاد السوفيتي وحده وإنما كان حاسماً بشكل أساسي إلى حد ما بالنسبة لبقية التاريخ العالمي، ناهيك عن مستقبل الاشتراكية نفسها" (22). والحال أنني أشعر وكأنني أود أن أقول لجيمسون، في كلمات جون مكنرو الخالدة: من الصعب أن أتصور أنك جاد فيما تقول. أو، مرة أخرى، حين ينبذ جيمسون بشكل حاسم التنديدات بعد الحداثية بـ "حنين" الماركسيين "إلى السياسات الطبقية"، معلقاً بأن هذا "ملائم ملائمة وصف جوع الجسم، قبل تناول الوجبة الرئيسية، بأنه حنين إلى الطعام"، لكنه سرعان ما يفسد كل شيء بقوله أن جيسي جاكسون "قد ابتكر من جديد تقريباً" لغة " السياسة الطبقية ... بالنسبة لزماننا" (23). والكتاب حافل بمثل هذه الانفلاتات والمزاعم، غير المؤيدة بأي تحليل أو نقاش جاد، الأمر الذي يوحي بنهجِ هاوٍ تجاه الماركسية.
ومع ذلك فإن جيمسون في أفضل حالاته هو أكثر بكثير من مجرد هاوٍ. ففي كتاب جديد آخر، وهو دراسة لثيودور آدورنو، منظر مدرسة فرانكفورت، يرصد "انبثاق رأسمالية جديدة وعالمية بشكل حقيقى أكثر" بعد الثورات الأوروبية الشرقية:
"إن أياً منها لا "يدحض" الماركسية، التي لا تزال على العكس من ذلك التيار الفكري الوحيد المصر على توجيه انتباهنا إلى الآثار الاقتصادية لـ "التحول الكبير" الجديد، الذي تجازف بصب ماء بارد على أوهامه بشأن الهيكل العلوي. فرأس المال والعمل ( وتعارضهما) لن يتلاشيا في ظل الشرع الجديد، كما أنه لا يمكن أن توجد إمكانية في المستقبل، مثلما لم توجد البته في الماضي، لأي "طريق ثالث" ذي أهلية بين الرأسمالية والاشتراكية، بصرف النظر عما أصاب هذه الأخيرة بالنسبة للناس الذين جرى إتخامهم بها عن طريق التلقين من الأوشاب البلاغية والتصورية... إن عَالماً أولاً بعد حداثي كامل لن يعدم هو نفسه شباناً لهم ميول وقيم يسارية صادقة وعلى استعداد لتبني رؤى التغيير الاجتماعي الجذري التي تكبتها معايير المجتمع البورجوازي. وديناميات مثل هذا الالتزام مستمدة ليس من قراءة "الكلاسيكيات الماركسية" بل من المعايشة الواقعية لواقع اجتماعي والطريقة التي لا يمكن بها إنجاز قضية أو مسألة معزولة، كقضية أو مسألة إنهاء شكل خاص من أشكال الظلم، دون نظم مجمل شبكة المستويات الاجتماعية المتداخلة في كلية، الأمر الذي يتطلب عندئذ ابتكار سياسة للتغيير الاجتماعي ... وسواء اختفت كلمة "الماركسية" أم لا، إذاً، في ممحاة شرائط عصور مظلمة جديدةٍ ما، فإن الشيء نفسه سوف يعاود الظهور لا محالة" (24).
هذا إذاً تأكيد لحالية الماركسية رائع روعة أي تأكيد رائع أعرفه. والمشكلة هي أنه تأكيد للنظرية الماركسية، خاصة ممارسة البحث عن الكلية "نظم مجمل شبكة المستويات الاجتماعية المتداخلة في كلية". ويرى جيمسون أن هناك صلة بين مفهوم الكلية والسياسة الثورية: وهكذا فإن "العداوة" بعد "البنيوية" لمفهوم "النظرة الكلية" سوف يبدو من المعقول تماماً تفسيرها على أنها رفض منهجي لمفاهيم وأفكار الممارسة بصفتها هذه، أو للمشروع الجماعي". ولكن أين هي القوة الاجتماعية التي ستقوم بهذا "المشروع"؟ إن جيمسون لا يذهب إلى المدى الذي ذهب إليه آدورنو، الذي رأى أن الطبقة العاملة الغربية قد جرى دمجها في "رأسمالية أيامنا". لكنه يبدو، أحياناً، قريباً بما يكفي من تشاؤم آدورنو، كما حين يقول:
"لقد كان آدورنو حليفاً مشكوكاً فيه في الوقت الذي كانت لا تزال فيه هناك تيارات سياسية معارضة قوية كان يمكن لانسحابيته المزاجية والمشاغبة أن تصرف القارئ غير الملتزم عنها. أَمَا وأن تلك التيارات قد أصبحت الآن هي نفسها مذعنة، فإن عصارته المرة ترياق سار ومذيب ماسح يجب صبه على وجه "ماهو قائم" "(25).
من الواضح أن جيمسون ليس مستعداً للاستسلام. فإذا كنا نعيش في زمن هزيمة، فإن الهزيمة ليست أكثر من مؤقتة:
" إن الفترة ما بعد الحداثية قد تكون تماماً... أكثر قليلاً من فترة انتقالية بين مرحلتين من مراحل الرأسمالية، تجري فيها إعادة هيكلة الأشكال الأسبق لما هو اقتصادي على نطاق عالمي، بما في ذلك الأشكال الأقدم للعمل ومؤسساته ومفاهيمه التقليدية. أما أن بروليتاريا أممية جديدة (تتخذ أشكالاً لا يمكننا بعد تخيلها) سوف تعاود الانبثاق من هذا الانقلاب الهادر فذلك أمر لا يحتاج إلى نبي لتوقعه: لكننا نحن أنفسنا لا نزال في نطاق الغور بين الأمواج ولا يمكن لأحد القول إلى متى سوف نبقى فيه" (26).
وحتى لو افترضنا أن هذا التحليل صحيح (وهو مالا أوافق عليه)، فما هو المفترض منا عمله في "الغور"، ترقباً لموجة جديدة ما تحملنا إلى الأمام؟ إن المجاز يوحي بنزعة جبرية، بانتظار للأحداث يتنافى مع التراث الثوري. ومن الصعب ألا يشعر المرء بأن وضع جيمسون في العالم الأكاديمي، انعزاله عن النشاط السياسي، يحكم عليه بهذا الموقف السلبي في نهاية المطاف. وهذا يذكرنا، مرة أخرى، بحدود الماركسية الغربية المشوبة بفصلها بين النظرية والممارسة (27).
الحواشي:
(1) لقد صدر الحنق الموجه إلى إيجلتون عن جميع جهات الصحف الكبرى، من الجارديان إلى الإندبندنت، ومن اللندن ريفيو أوف بوكس إلى الاسبكتيتور.
(2) ف. جيمسون، "مابعد الحداثة، أو المنطق الثقافي لرأسمالية أيامنا"، نيو ليفت ريفيو، 146 (1984) و د. كلينر، "مابعد الحداثة / جيمسون / نقد" (واشنطن دي سي، 1989).
(3) ف. جيمسون، "مابعد الحداثة، أو المنطق الثقافي لرأسمالية أيامنا" (لندن، 1991). انطباعي هو أن معظم، إن لم يكن كل، الكتاب يتألف من مقالات نشرت بالفعل في أماكن أخرى، مع أنه لا الناشر ولا المؤلف قد اعتبرا أن من المناسب تحديد مصدر كل مقال. ويمكن للنتائج أن تكون مربكة نوعاً ما، إن لم نقل مزعجة – كما يحدث، مثلاً، عندما يعرف القارئ أن الفصل السادس إما أنه مراجعة، أو، مقدمة، لكاتالوج معرض (انظر، على سبيل المثال، ص 180) إلا أنه لا يقال له ماذا كان المعرض أومتى أقيم. وقد أدخل جيمسون بعض التغييرات على نصوص سبق نشرها، مثال ذلك المقال الذي نشر في عام 1984 في النيو ليفت ريفيو، الذي يظهر الآن بوصفه الفصل الأول.
(4) انظر أ. كالينيكوس، "ضد ما بعد الحداثة"، (كيمبريدج، 1989) و "مابعد الحداثة الرجعية"، في الكتاب الذي أشرف على إعداده ر. بوين و أ. راتانسي، والصادر تحت عنوان "مابعد الحداثة والمجتمع" (بيزنجسوك، 1990).
(5) ج. ف. ليوتار، "الحالة بعد الحداثية" (مانشيستر، 1984)، ص 84.
(6) انظر بوجه خاص ك. نوريس، "ما المشكلة مع ما بعد الحداثة" (لندن، 1990) و"زيارة جديدة إلى الثامن عشر من برومير"، الذي سوف ينشر في "ثيوري، كلتشر آند سوسيتي".
(7) انظر أ. كالينيكوس، "الماركسية في مواجهة ما بعد الحداثة"، الذي سوف ينشر في "ثيوري، كلتشر آند سوسيتي".
(8) ف. جيمسون، مصدر سبق ذكره، ص 418.
(9) المصدر السابق، ص 36.
(10) المصدر السابق، ص ص 48-49.
(11) م. ديفيز "النهضة الحضرية وروح ما بعد الحداثة"، نيو ليفت ريفيو، 151 (1985).
(12) د. هارفي، "حالة ما بعد الحداثة" (أكسفورد، 1989)، خاصة الباب الثاني.
(13) انظر أ. كالينيكوس، "ضد ما بعد الحداثة"، الفصل الخامس، و، الآن، ك. هارمان، "الدولة والرأسمالية اليوم"، انترناشيونال سوشياليزم، 2 : 51 (1991).
(14) أ. لان، "الماركسية والحداثة" (لندن، 1985) ص ص 34 – 37.
(15) انظر أ. كالينيكوس، "ضد ما بعد الحداثة"، الفصل الأول.
(16) انظر، على سبيل المثال، ص ص 167 – 168، حيث يزعم أن "إعادة اختراع المجاز" هي إحدى علامات "حلول ما بعد الحداثة محل الحداثة". وهذا تصريح مثير بالنظر إلى إثبات بيتر بيرجر لأهمية معالجة فالتر بنيامين للمجاز بوصفه علاقة بين جزيئات في توضيح رفض الفن الطليعي الحداثي في أوائل القرن العشرين لمفهوم العمل الفني بوصفه كلاً عضوياً: "نظرية الفن الطليعي" (مانشيستر، 1984)، ص 78.أما تخلف جيمسون الكامل عن مناقشة عمل بيرجر الهام فهو إهمال يدعو إلى الاستغراب.
(17) انظر ف. جيمسون، مصدر سبق ذكره، ص 307. وقارن هذا الكلام مع كلام ب. أندرسون، "الحداثة والثورة"، نيو ليفت ريفيو، 144 ، (1984).
(18) ف. جيمسون، مصدر سبق ذكره، ص 311.
(19) فيما يتعلق بهذا كله، انظر المصدر السابق و أ. كالينيكوس، "ضد ما بعد الحداثة"، الفصلين الثاني والخامس.
(20) لنظر ف. موريتي، "نوبة التردد"، نيو ليفت ريفيو، 164، (1987).
(21) انظر في هذا الصدد ف. جيمسون، مصدر سبق ذكره، ص 399.
(22) المصدر السابق، ص 274.
(23) المصدر السابق، ص 331.
(24) ف. جيمسون، "ماركسية أيامنا"، (لندن، 1990) ص ص 250 – 251.
(25) المصدر السابق، ص 249، وانظر أيضاً المصدر السابق، ص 5.
(26) ف. جيمسون، "مابعد الحداثة"، مصدر سبق ذكره، ص 417.
(27) انظر التشخيص الرائع الذي قدمه صريع آخر للمرض نفسه: ب. أندرسون، "تأملات حول الماركسية الغربية" ، (لندن، 1976).
(2) ف. جيمسون، "مابعد الحداثة، أو المنطق الثقافي لرأسمالية أيامنا"، نيو ليفت ريفيو، 146 (1984) و د. كلينر، "مابعد الحداثة / جيمسون / نقد" (واشنطن دي سي، 1989).
(3) ف. جيمسون، "مابعد الحداثة، أو المنطق الثقافي لرأسمالية أيامنا" (لندن، 1991). انطباعي هو أن معظم، إن لم يكن كل، الكتاب يتألف من مقالات نشرت بالفعل في أماكن أخرى، مع أنه لا الناشر ولا المؤلف قد اعتبرا أن من المناسب تحديد مصدر كل مقال. ويمكن للنتائج أن تكون مربكة نوعاً ما، إن لم نقل مزعجة – كما يحدث، مثلاً، عندما يعرف القارئ أن الفصل السادس إما أنه مراجعة، أو، مقدمة، لكاتالوج معرض (انظر، على سبيل المثال، ص 180) إلا أنه لا يقال له ماذا كان المعرض أومتى أقيم. وقد أدخل جيمسون بعض التغييرات على نصوص سبق نشرها، مثال ذلك المقال الذي نشر في عام 1984 في النيو ليفت ريفيو، الذي يظهر الآن بوصفه الفصل الأول.
(4) انظر أ. كالينيكوس، "ضد ما بعد الحداثة"، (كيمبريدج، 1989) و "مابعد الحداثة الرجعية"، في الكتاب الذي أشرف على إعداده ر. بوين و أ. راتانسي، والصادر تحت عنوان "مابعد الحداثة والمجتمع" (بيزنجسوك، 1990).
(5) ج. ف. ليوتار، "الحالة بعد الحداثية" (مانشيستر، 1984)، ص 84.
(6) انظر بوجه خاص ك. نوريس، "ما المشكلة مع ما بعد الحداثة" (لندن، 1990) و"زيارة جديدة إلى الثامن عشر من برومير"، الذي سوف ينشر في "ثيوري، كلتشر آند سوسيتي".
(7) انظر أ. كالينيكوس، "الماركسية في مواجهة ما بعد الحداثة"، الذي سوف ينشر في "ثيوري، كلتشر آند سوسيتي".
(8) ف. جيمسون، مصدر سبق ذكره، ص 418.
(9) المصدر السابق، ص 36.
(10) المصدر السابق، ص ص 48-49.
(11) م. ديفيز "النهضة الحضرية وروح ما بعد الحداثة"، نيو ليفت ريفيو، 151 (1985).
(12) د. هارفي، "حالة ما بعد الحداثة" (أكسفورد، 1989)، خاصة الباب الثاني.
(13) انظر أ. كالينيكوس، "ضد ما بعد الحداثة"، الفصل الخامس، و، الآن، ك. هارمان، "الدولة والرأسمالية اليوم"، انترناشيونال سوشياليزم، 2 : 51 (1991).
(14) أ. لان، "الماركسية والحداثة" (لندن، 1985) ص ص 34 – 37.
(15) انظر أ. كالينيكوس، "ضد ما بعد الحداثة"، الفصل الأول.
(16) انظر، على سبيل المثال، ص ص 167 – 168، حيث يزعم أن "إعادة اختراع المجاز" هي إحدى علامات "حلول ما بعد الحداثة محل الحداثة". وهذا تصريح مثير بالنظر إلى إثبات بيتر بيرجر لأهمية معالجة فالتر بنيامين للمجاز بوصفه علاقة بين جزيئات في توضيح رفض الفن الطليعي الحداثي في أوائل القرن العشرين لمفهوم العمل الفني بوصفه كلاً عضوياً: "نظرية الفن الطليعي" (مانشيستر، 1984)، ص 78.أما تخلف جيمسون الكامل عن مناقشة عمل بيرجر الهام فهو إهمال يدعو إلى الاستغراب.
(17) انظر ف. جيمسون، مصدر سبق ذكره، ص 307. وقارن هذا الكلام مع كلام ب. أندرسون، "الحداثة والثورة"، نيو ليفت ريفيو، 144 ، (1984).
(18) ف. جيمسون، مصدر سبق ذكره، ص 311.
(19) فيما يتعلق بهذا كله، انظر المصدر السابق و أ. كالينيكوس، "ضد ما بعد الحداثة"، الفصلين الثاني والخامس.
(20) لنظر ف. موريتي، "نوبة التردد"، نيو ليفت ريفيو، 164، (1987).
(21) انظر في هذا الصدد ف. جيمسون، مصدر سبق ذكره، ص 399.
(22) المصدر السابق، ص 274.
(23) المصدر السابق، ص 331.
(24) ف. جيمسون، "ماركسية أيامنا"، (لندن، 1990) ص ص 250 – 251.
(25) المصدر السابق، ص 249، وانظر أيضاً المصدر السابق، ص 5.
(26) ف. جيمسون، "مابعد الحداثة"، مصدر سبق ذكره، ص 417.
(27) انظر التشخيص الرائع الذي قدمه صريع آخر للمرض نفسه: ب. أندرسون، "تأملات حول الماركسية الغربية" ، (لندن، 1976).
1990s
0 التعليقات:
إرسال تعليق