جويس منصور
ال 8 يرتسمون
حول نهديَّ
البَيْضُ المُنَدَّى بالدم
الذي هو سري
يُزهر ويبكي
يُزهر ويموت
بينما الظلال تَصْفَرُّ تحت الأشجار
والأعوامُ تغرقُ في الليل.
*
بين يديه الحمقاوين
مات القط
بين أسنانه اللبنية
تهشم الكناري.
بين ساقيه المقوستين
اختنق أخوه
صبيٌّ منحط.
*
صنعتِ من آثامكِ
بيضةً، أيتها البنتُ الصغيرة.
تنامين هادئةً في ضجرِ
القبرِ
والبيضةُ تشرعُ بالتفتحِ على خاصرتك.
مذعورةً، عاجزةً، تنادين، تبكين
دون طائل.
عندئذٍ أَرْسَلتُ – أنا زوجُكِ الكريمُ دائماً –
يديَ التي في قفاز لانتزاع البيضة المزعجة
وبينما كنتُ أوقظُ نفسي بعد ليلةٍ هادئة
أكلتُ بيضتكِ المقلية يا عزيزتي
في الفراش.
*
دماغي أصيب بالضمور
منذ الخريف
بسبب السرطان البحري
الذي يصرخ تحت فراشي
كلَّ صباحٍ عند الفجر.
عيني مغمضةٌ
منذ الخريف
بسبب رحمي الذي من خشبٍ وردي
والذي يتجمد.
فراشي صليبٌ
منذ الخريف
بسبب جسدكَ
الذي يَطْلُبُ
والذي يضحكُ
حتى بينما أنام.
آه للأمطار الأولى.
*
صمتاً لأنَّ ظلَّ الموت يشحُبُ
قلبي العاري راقدٌ على الفراش
مُخْتَرَقَاً بلسانٍ
لم يعرف كيف يحتوي
نسغهُ.
اسكبوا صلواتكم الحلوة
على جبهته،
جبهة الطفل الذي بلا طفل
وأنصتوا لصمت الليل
الذي يهبطُ على جناحيه السخاميين
مفتوح الساقين
*
جاء الشتاء
عضوه الذي هو أيضاً أسدُ بحر
يقضي الشتاء معنا، نحن المتوحدات
بين مِسْبَحَاتِ المواخيرِ البراقة.
اللوحاتُ تنحلُ وتَسْقُطُ على الأرضية الخشبية
البجعاتُ تغادرُ أسرَّتنا إلى مناخاتٍ أكثر رقة
تاركةً لنا بيضها، كضمانةٍ أبدية
لعوداتها الظافرة بمجرد رحيل الشتاء.
*
ابكِ أيها الرجلُ الصغير
مركبكَ معروضةٌ للبيع
امرأتك مبيعة
واللبنُ الطازجُ لبقرتكَ
الحمراء التي لها دمُ الزنوج
يجعل أطفالك يبولون
حقداً.
*
بحثتُ عن اسمكِ في أفواه المحتضرين
قَبَّلْتُكِ بالرغم من طقم أسناني
داعبتُ نهديكِ الموسومينِ بالألم
أيتها الغزالةُ الجزعةُ التي لها عينان من لهب
أيتها المرأةُ المُعَذَّبَةُ التي لها قدمان من حجرٍ كريم
عضوي يتبعُكِ على ظلِّ موجةٍ
دون أن يهتم بالأعوام التي تهجعُ
دون أن يَكُفَّ البتة
عن الصراخ.
*
المنونُ زهرةُ ربيعٍ تنام
عند قدمي سيدةٍ عذراء وقت الهياج
والعفوناتُ الناعمةُ الألف
الداكنةُ كإبط، الداميةُ كقلب
تنامُ هي أيضاً في أجساد النساء العاريات
الراقدات في الحقول، أو الباحثات في الشوارع
عن ثمرة الحب المُرة المُذَهَّبةِ.
*
القدمان الجامدتان غير المدركتين
للصياد العجوز المتكئ على زورقِهِ
تسحقان بيبوستهما المُصْفَرَّةِ
الأسماكَ النائمةَ على الطحالبِ المُهَدْهِدَةِ
العجوز يدخن يد طفل
عيناه الزرقاوان المحتقنتان بالدم وبالأحلام
تبحثان في البعيد عن الوجه المضيء
للطفل الذي لا يعرف السباحة.
*
أقدامٌ عاريةٌ تماماً
وجةٌ ملطخٌ بالدم
دمكَ سيءُ التجلط
الذي لزنجي.
من شعركَ يتدلى
القط الصغيرُ المعلَّقُ
واقفاً على بركاني
أنت حقيقتي.
*
سأتبعُ دائماً نعشكِ
يا روحي، يا روحي
سيكون دائماً أمام عيني
يا روحي، يا روحي
لن أكفَّ عن السير في حركةٍ إيقاعية
خلف جسدك فاقد الحياة
يا روحي، يا حبي.
*
امرأةٌ مستسلمةٌ في الصقيع الكئيب
لسنِّ يأسها
تفكرُ وهي تَحْبك في الحِمْلانِ المصلوبةِ
في ملَذَّاتِ المطبخِ
وفي السنواتِ الوسِخَةِ الطويلة
للمجاعة الكبرى
القادمة.
*
أريد أن أرحلَ بلا حقائبَ إلى السماء
يخنقني اشمئزازي فلساني طاهر.
أريد أن أرحل بعيداً عن النساء ذوات الأيادي السمينة
اللاتي يداعبن ثدييّ العاريين
واللاتي يقذفن بولهن
في حسائي.
أريد أن أرحل بلا صخبٍ في الليل
أريد أن أقضي الشتاء في ضباب النسيان
معتمرةً فأراً
ملطومةً بالريح
ساعيةً إلى تصديق أكاذيب عاشقي.
*
فراشكَ جبن
عليه تتمخضُ امرأتكَ.
خبزٌ ومخاطياتٌ
رحمٌ وصرخاتٌ
عيونٌ تبكي.
ملصقةً على الجدار، مُسمَّرةً على الفراش
وأنت بالأرض، مكتسياً الأسود – مُجمَّدَ الدم
أيها اليهوديُّ الميتُ قتيلاً.
*
الرضيع ينام في مهده الأسود
أسنانه القذرة تبين بين شفتيه المشدوفتين
وأنت تهدهدينه.
الغرفةُ هادئةٌ بالرغم من الكلب الذي يموت
النوافذُ محكمة الإغلاق لإحكام حبس الليل
وأنت تنتظرين.
الرضيع يستيقظ من أحلامه المعذَّبة
الموت ينتظره، مرضعة رقيقة
وأنت تبتهجين، أيتها الأم الصغيرة.
*
في غرفتك المفروشة بالأمعاء المزهرة
انتظرُ زيارة الرخويات المحزونة.
تحبكين كالعادة في صمت
الحبيكة التي لا تنتهي لأيد غير راضية.
أما أنا، فأقرأ على وجهك المعبر
أخبارَ مدينةٍ مُبادة.
ونترقبُ في صبرٍ دون تعجل
الوصول المهيب للرخويات ولأصدقائها
الديدان.
*
لا تستخدموا كطُعم
روح الخنزير الشاحبة
لكي تجتذبوا الرجال الشائخين
الذين لهم طعم السمكة.
خاصة خلال الأسبوع.
لا تنتزعوا البصقات
من أفواه الأطفال
الذين يبيعون مؤخراتهم
للحمير.
لا تجمعوا الأثداء الطرية
لقردة بلا حياء
فقد يأخذونكم
دون عذر ولا اشتياق
على أنكم امرأة.
*
عينُ الطاهيةِ الحلوةُ
تستوي في حساءٍ خَثِر.
ساقا الطاهية الملتويتان
المعلقتان كتعويذة
تدقان على الجدار المغطى ببنات وردان
على إيقاع صرخاتنا المتحفزة
وأنتَ تفصلُ الشيطان عن عينيه
عينيِّ الكلب الوفي.
*
اصعدوا معي السلالم الهابطة
عاهراتٌ مفتوحات الأفخاذ تضحكن على كل درجة
عارضات أسماكهن مُبَدِّلات الأوضاع
ملاحقاتٍ لنا بضحكاتهن
بالرغم من حيائنا.
تعالوا معي إلى بيت الميتة
الراقدة على فراشها، شبه متعفنة
تسمع الأطفال المنهمكين في ألعابهم البريئة وتراقب العجائز الذين يحسبون غائطهم.
الشموع تُسَوِّدُ الغرفةَ المهمهمة
حاجبةً الميتَةَ عن أعين العابرين
الميتَةَ التي تراقب الأثاث والأحياء
منذ عشرة أو خمسة عشر يوماً
وربما منذ زمنٍ سحيق.
*
ترجمة بشير السباعي عن الأصل الفرنسي
يتبع
0 التعليقات:
إرسال تعليق