1955
جويس منصور
قدمٌ بلا حذاء
أسيفةٌ وبلا عمل
قدمٌ خشنةٌ لزنجيةٍ غير متوقعة
حلكةُ الليل الأخيرة
الزنجية تغني في الشوارع الغافلة
أغنيةَ مسامير الرجل والتكلكلات الحمراء
أغنيةَ الأقدامِ الأسيفةِ والتي بلا عمل.
*
جالساً على رصيفٍ رملي
يداهُ مجمَّدتان بالبول الراكد في الشمس
الرجلُ الذي يرتدي أسمالاً يمص مكشراً
عينَ زنجي بلهاء.
القمرُ يثبُ من السماء عاوياً
الكهنةُ ينشرون الله على الأرض
لكن الرجل الذي يرتدي أسمالاً يواصل مص
عينِ الزنجي
البلهاء.
*
ارْقُصْ معي أيها الفيولونسيل الصغير
على العشب البنفسجي السحري
لليالي البدر.
ارْقُصي معي أيتها النوتةُ الموسيقيةُ الصغيرةُ
بين البيضِ المسلوق، والكمنجاتِ، والحقنِ الشرجيةِ.
ارقصي معي، أيتها الساحرةُ الصغيرةُ
لأن الأحجار تدور مُحَوِّمةً
حول طاساتِ الحساء
حيث تَغْرقُ موسيقى الفوانيس.
*
بقدمين مُقَيَّدَتَين
وبقلبٍ مُشَوَّشٍ
أنتظرُ الله الجنين
حتى أموت مشدودةً إلى السماء
كنجمةٍ
سعيدة.
*
زرعتُ يدَ طفل
مُصفَرَّةً من المرض، غاصةً بالديدان
في بستاني ذي الأشجار المُزهرة.
أحكمتُ غرسها في التربة المُخِمَّةِ
أحسنتُ ريَّها وتطهيرها وتسميتها
عارفةً أن عذراءَ ستنمو في هذا المكان
عذراء مشرقة بالنور وبالحياة
عقيدة جديدة في أماكن قديمة.
*
سَدَدْتُ أنفَ ميتٍ
فانتفضتْ روحهُ، انتفضتْ
أرادت التخلص من جسد ماضيها
التمستْ رحمتي لأن موعدها مرَّ
وتَعِبَ اللهُ من انتظارها.
*
عينُ حارسة داري الكابية
تتدلى من ثريا برونزية
تتدلى حالمةً معلقة بالأهداب
عينُ حارسة داري المُكَرَّمَةُ بالخمر
تتأرجح برقة، برقة
طوال الليل على بعد إصبعين من أنفي
مُثَبِّتَةً إياي، مغشياً عليها دون أن يطرف لها رمشٌ أبداً
العينُ الرطبةُ ذاتُ الابتسامات المُشجِّعة
التي تخصب رحمي القاحل
ببولها.
*
عندي ما يكفي من الفئران
الآكلة النهمة للأجنة وللمولاس
عندي ما يكفي من الصحون.
عندي ما يكفي من الأسماك ذات الشوكات الخبيثة
التي ترقص في حلقومي.
عندي ما يكفي من التعساء
عندي ما يكفي من اللعنات
التي أصبها على رأسهم
غير مستثنية حتى الصُلع.
عندي ما يكفي من الجرائم
عندي ما يكفي من قبري
عندي ما يكفي من كل شيء
واشمئزازي ميت من الضجر.
*
التلفون يرنُّ
وعُضوكَ يرد
صوتُهُ الأجش، صوتُ المغني
يرعش ضجري
وترتجفُ البيضةُ المسلوقةُ التي هي
قلبي.
*
رؤيا تتسكع في العيادة الزرقاء
رؤيا هاربةٌ لدماغٍ مخدَّر
رؤيا صغيرة ذات ذيول ملتوية
تبحث بلا طائل عن فأرة كريمة
لتأخذ مكان الجسد النائم
للرجل المثقوب الجمجمة الذي فقد أفكاره
عبر الثقب الأسود والمستدير لدماغه الهائج.
*
التشنجات التي ترج جسدَك البدين
تطالني بالرغم مني في عالمي، عالم طريحة الفراش.
وأنتَ هنا مكتوبٌ عليك أن تكابِدَ، ظمآن،
عيناك تعذباني بين ثيابي، ثياب العاجز،
وشهواتك ترتجف من الانفعال.
عربتي التي يسحبها الجواد تلقيك مهملاً في ركنها
مذكرةً إياكَ بساقيَّ المُصْفَرَّتَيْنِ، اللتين بلا عظام.
تناديكَ ثيابي من الدولاب الموارَب،
عطورها المسكرة لا تحكي عذابي.
كل ليلة أحبس نَفْسي في نعاسي المريض،
حتى لا أسمع شخيرك الفاحش،
بينما أنتَ تُهدئ نَفْسَك، تُشبِعُ نَفْسَكَ، تستمتع
باغتصابِ الكلب.
*
فَتَحَ فمهُ الذي بلا شفتين
لكي يُحرِّكَ لساناً ضامراً.
حَجَبَ عُضوَه المُعطَّرَ
بيدٍ زرقاء من الموت ومن الخجل
ثم بخطوة ثابتة ومجلجلة
اجتاز رأسي في نحيب.
*
أحيِّيكم يا خِراف الصحراء الهزيلة
في صُوفكم تختبئُ أزهارُ الطفولةِ الناضجة.
أُحيِّيكَ، أيها الحمارُ الأبيضُ ذو القدمين المقيَّدَتَيْن
في قلبك يترددُ صدى الحب.
أرسمُ الجحيمَ على تربة رأسي حيث تسقط عيناي الميتتان
وأحيِّيك، يا إله روحي
لأن الصحراء تشحب
والقمر يأفل
حاملاً على ظهره
الفجرَ.
*
بيضةٌ على السطح
حَكَتْ لنهديِّ الليل الطريين النتنين
غرامياتها.
عينُ بقرة في جُحرٍ
قَضَتْ الشتاء متنكرةٍ
وسط الدببة.
وأنا أغزلُ دون صوفٍ ودون إبرٍ
ملابس اللاواقع الداخلية
انتظاراً للمسيا المخلص.
*
المدُ يصعد تحت بدر العميان.
وحده مع المحارات والماء الأخضر – الأزرق لأول النهار
وحيداً على الشاطئ يِغْرَقُ فراشي ببطء.
المدُ يصعد في السماء المترنحة من الحب
بلا نواجذ في الأحْرَاج، أترقبُ موتي، صامتةً
والمد يصعد في حلقي حيث تموت فراشة.
*
ترجمة بشير السباعي عن الأصل الفرنسي
يتبع
0 التعليقات:
إرسال تعليق