1960
جويس منصور
لأنك بلا فخذين
لأنك عجوزٌ وبلا أوراق رابحة
لأنك تلهثُ وتتصببُ عرقاً في الظُلمة
لأن يديك تبحثان عن ركنٍ رطبٍ للموت
سأوخزُ جذعك المأساوي بإبرٍ رهيفةٍ
منقوعةٍ في العسل
وستبتسمُ يا ساكن جزيرة الليل
بملء شدقيك الشائكين
بكل ذعرِكَ
لأنك أخرسٌ وأيامك معدودة
لأنك بلا فخذين
* * *
إلى أندريه بير دو مانديارج
الموتى الذين لهم رؤوس كلاب
أعرف أن من يموتون أثناء الجماع يتبدلون ويتعلمون المكابدة
من جديد
حين يَسْتَلُّ القمر شفرته ذات العينين الطريتين
يضجون من جراحهم ويتقلبون ويبدون خائري القوى
ممسوسينَ بالفراغ
ضائعين مُمَزَّقين
يملأون الهواء بأعضائهم، يفتحون أفواههم يصرخون
تتبرعمُ لآلئٌ على جدعاتهم الجميلة
يسيلُ اللبنُ
لكن الرذاذ ينفخُ السماواتِ حيث تسبحُ العفونةُ
مُغرقاً حتى الأموات ذوي العيونِ المُهَنْدَمة
مُغرقاً الطغاة الذين يتنازعون على الخلود
مُعَوِّمَاً البشرَ والخيراتِ
النساءَ الأطفالَ الرجالَ الكلابَ
الكلابَ التي لها رؤوس بشر
جميع كلابِ البشرِ هذه
في حساءِ العدم
المتداخل
* * *
سُنَّةُ الحياة
أن يأكل المرء عيناً من بيضة
جواداً أو أيلاً
دماغِ عافية طريةٍ
كلبَ صيدٍ، كمنجةً
أن يأكل من أجل الأكل
أن يختنق باللحم
أن يُهَيِّجَ شرجه على مِشْعَلٍ من فِراءِ السنجاب
أن يأكل لكي يموتَ في زفرة دم
أن تتغذى لكي تمنعَ الآخرين
من أن يأكلوك
* * *
المَرْكَع
حمامةٌ راقدةٌ على حجرٍ أسمرٍ مُحْمَرٍّ
تتأملُ
تتأملُ
ومنقارها تمحوه ريحٌ شريرة
وجناحاها يتدليان حول عنقها
استيقظَ الحِجرُ وأكلَ الطائرَ المتأملَ
بالرغم من قوةِ بصرِ الحمامةِ
بالرغم من أن الحِجر لم يكن شديدَ الجوع
بالرغم من تأملِ
الحمامةِ
*
هناك امرأةٌ عجوزٌ على الطريق
متعبةٌ مُعَفَّرةٌ
مترنحةٌ بين الحمار وفتور
الظل
هناك الأمواج التي تندفعُ في الزرقة
والبحر
هناك مشنوقون في حقول الكروم
جَداجِدٌ تتأبدُ على الأرض المحدودبة بشكل لطيف
أطفالٌ في أشجار الزيتون القزمة
هناك فلاحون لهم عيون رَميصة
طحالب وامتصاص الوحل حين تنزوي الشمس
الليلُ يمتدُ فوق البحر والشواطئ الصخريةِ والأدغال
والعجوزُ المبتئسةُ في السواد دون كلمات بلا طائل
تنامُ على حمارها والعينُ مطفأةٌ والذراعان مكتوفتان
صورة للسكينة وللشكوى
*
رائحةُ القضاء
رائحةُ الصبر فوق الإنساني
البهائمُ المسلسلة وراء قضبان
الصدفة
رائحةُ الخوف
رائحةُ البراز الذي ننشره على قبورِ
الناسِ الفقراء
وحوشُ الشرطةِ
قسوةُ الأطفال
وتلك الرائحةُ المُرَكَّبَةُ التي هي الحرية
خليطٌ من محلول االنشادر
والمولاس
والرشح
* * *
أغنيةٌ لأجلِ الأقدام
اثني عشر إصبعاً صغيراً
مصلوبةٌ على مسامير
اثني عشر إصبعاً مصلوباً
مُرَمَّلةٌ في الوحل
وأنا الوحيدة
ألوي ساقيَّ اللتين بلا ركبتين
أرمي قدميَّ للبحر
وأنام على الرمل الطري
لأن الأصابع الإثنى عشر الصغيرة
هي لك
* * *
أوقات فراغ القانون
كوابيسُ القضاة
منفتحةٌ على العصافير
منغلقةٌ على الأطفال
والنباتاتُ المتفتحةُ للأمعاء الشائخة
تجيءُ لتموت ميتةً فادحةً على بياضِ المُرَبَّعاتِ
حيث أجسادُ سيئي الحظ
المتعبين من كدرهم وحجزهم واستجوابهم
تنحبس في زوايا جنونٍ غير مشكوكٍ فيها
في حين أن النساء الصباحيات بأصابعهن المجدولة المجروحة
يجئن لحصد حظهن ومكنساتهن مُمتَشَقَةٌ
بين دكة المتهمين
وسترات الجندرمة
شديدي الانتباه إلى إشارات وكلاء النيابة الحذرين
وينتشر الرعبُ في الهواء وفي الماء
ملوثاً وعودَ الطبيعة في خضوع
ملصقاً الأحجار نفسها بالقذارة
* * *
LITTLE ROCK
حيثما تذهبُ
أذهبُ
ورأسي مدثرةٌ بالدموع
حيثما تصلي أصلي
أوه من يأس هذه الحوائط النائمة
شعبكَ سيكون شعبي
فراشك رجائي الوحيد
إلهك سيكون إلهي
وسُرَّتُكَ
المكان الذي أحط عليه
فجلدك وحده أسود
*
كذبتُ يا حماري العزيز حين أسدلتُ جفنيك
كان الليلُ بعيداً وكان قلبكَ لا يزال يخفقُ
أذنبتُ يا حماري العزيز حين أبلغتُ الموت
بموضع رأسكَ الصوفية والجريحة
على الشاطئ حيث كان الرعب يتسكع
أسأتُ التصرف يا حماري العزيز حين أسرعتُ بدفنك
كان الأولى بي أن أرقدَ لكي أموتَ بدلاً منك
أنا صديقتك التي دقَّتْ قَرْعَةَ الحُزن
كان يجب عليَّ في تلك الليلة أن أحيّي الأرضَ
وأن أدع الديدان تتغذى على لحمي
لكنك أنت يا حمار أيامي القديمة الذي جُرح لكي يرضيني
تنامُ في رخاوةٍ قتيلاً في وحدتك الرائعة
والموتُ المستمتعُ بهذه التضحية ببرئ
قد وبخني هازئاً
غير غافرٍ وإن كان منتعشاً
* * *
المبضع
مثقلتين بالخجل
مرتجتَين على سيقانهما الخشبية
امرأتان لهما عيون مجانين
رفعتا تنورتيهما، ملابسهما الداخلية، زبانياتهما
وتداعبتا بالفخذ
وربلةِ الساقِ والركبة
كانت لحظةُ العذريةِ قد مرَّت
وخلف الستار
كانت الممرضةُ تمطُّ شفتيها
ترجمة بشير السباعي عن الأصل الفرنسي
يتبع
0 التعليقات:
إرسال تعليق