قنسطنطين كافافي_4

غدر

عندما زوجوا ثيتيس لبيليوس،
نهض أبوللو، في مأدبة الأعراس الرائعة،
وبارك الزوجين الشابين،
عن النبتة التي ستطلع من ارتباطهما،
قال: "لن يمسه المرض أبداً،
وسيحيا حياةً مديدة".
حين قال ذلك،
اهتزت ثيتيس حبوراً،
لأن أقوال أبوللو،
البارع في النبوءات،
بدت لها ضمانةً لطفلها.
وبينما كان أخيل يكبر،
وكان جماله فخر ثيسالي،
كانت ثيتيس تتذكر أقوال الرب.
لكن، ذات يوم، جاء شيوخ معهم أخبار،
وتحدثوا عن موت أخيل في طروادة.
فمزقت ثيتيس ثيابها الأرجوانية،
ونزعت عن جسمها أساورها وخواتمها
ورمتها على الأرض.
وفي انتحاباتها تذكرت الماضي،
وسألت أين إذاً كان الحكيم أبوللو،
أين إذاً كان الشاعر الذي تكلم بهذه الروعة في المآدب،
أين كان، النبيّ، حين قتلوا ولدها في أول شبابه.
فأجابها الشيوخ بأن أبوللو كان حاضراً بشخصه في طروادة
وبأنه، مع الطرواديين، قتل أخيل.

(عن ترجمة أثينا ج. بابا)
* * *
شموع

الأيام الآتية ترتسم أمامي
مثلما يرتسم صفٌّ متوهجٌ من الشموع
من الشموع الصغيرة البراقة، المضيئة والحية.

الأيام التي راحت تبقى في الخلف
صفاً كئيباً من شموعٍ صغيرةٍ مطفأة
ينبعث الدخان لا يزال من أقربها
شموعٌ باردة، خامدة ومحنية تماماً.

لا أريد تأملها، منظرها يحزنني
ويشجيني أن أفكر في بريقها الأول
فأنظر إلى الشموع الصغيرة التي تضيء أمامي.

لا أريد أن ألتفت إلى الوراء
فأكتشف مذعوراً
السرعة التي يستطيل بها الصف المعتم
السرعة التي تتراكم بها الشموع المطفأة.

(عن ترجمة أثينا ج. بابا)

* * *
المدينة

تقول: "سأذهب إلى أرضٍ أخرى،
سأذهب إلى بحرٍ آخر
يجب أن أجد مدينةً أفضل من هذه.
مكتوبٌ أن تُمنى كل جهودي بالخسران
وأن يرقد قلبي مدفوناً - كميِّت.
فإلى متى سوف تبقى روحي في هذا الضوى؟

إن تركت نظرة تَنَدُّ مِنِّي حواليَّ
لن أرى هنا غير أطلال عمري الكئيبة-
في هذه الأماكن التي عشتُ فيها،
وضيعتُ وبددتُ كل هذه السنين.

- لن تجد بلداً جديداً ولا بحاراً أخرى.
المدينة سوف تلاحقك!
سوف تتسكع في الشوارع ذاتها
وتشيخ في الأحياء ذاتها
وتشيب في ظل البيوت ذاتها.

سترجع إلى هذه المدينة...
فَطَلِّقْ حلم الذهاب إلى مكانٍ آخر.
مامن سفينةٍ لك.
ما من سبيل.
حياتك التي بددتها في هذا الركن الصغير –
مبددةً تجدها من جديد في كلّ مكان.

(عن ترجمة أ. كترارو)

* * *
أغنية إيونية

مع أننا حطمنا تماثيلهم،
مع أننا طردناهم من معابدهم،
لم يمت الأرباب مع ذلك.
آه يا أرض إيونيا،
إنهم مازالوا يحبونك،
تتذكركِ أرواحهم لا تزال.
عندما يرف عليك صباح من أغسطس،
تعبر جَوَّكِ رعشة من حياتهم،
وأحياناً يمرُّ على روابيكِ
شكلٌ أثيريٌّ لفتىً جميل،
غامض، مسرع.

(عن ترجمة هـ. بيرنو)

ترجمة بشير السباعي

0 التعليقات: