أحمد راسم_5


مقتطفات من "يوميات موظف بائس"


"كان أحمد راسم يدرك إدراكاً جد قوي أن الكلام هو، بالدرجة الأولى، طاقة. وهو في حالته البرية يشع من جميع جوانبه إشعاع قطعة من البللور الصخري. وعندما كان يسمع صخب الشارع، عندما كان يحاول متابعة كلام الناس الذين يجهلون كل قواعد النحو والصرف، منبوذي اللغة الحقيقيين، كان يتزود بالطاقة. وكان يحب أولئك العلماء الأميين الذين يستخدمون مفردات مزدراة، أولئك المبدعين للأمثال التي تمور فيها ذاكرة وسخرية شعب بأكمله".
جورج حنين 1958
20 مارس
ماذا تصبح الدموع التي لا نذرفها؟
9 أبريل
ما تجهله المرأة، هو أن الرجل الذي يحبها يخونها، منذ الأمسية الأولى، مع الحلم الذي يصنعه منها.
28 مايو
حين رأى امرأة جميلة ذات سيماء تتألق بالقرصنة، مجملة بفوران ما، لم يفته أن يحدث نفسه بأنها ، في هذه اللحظة نفسها، لابد وأن تكون مؤخرتها ناضحة بالعرق، وقد جعله هذا يشعر بالقرف منها بعض الشيء...
ثم تنبه بدنه لروعة هذه السفن التي يركبها قراصنة.
29 مايو
قطار انتابه الهلع، يخرج عن مساره.الموت مسألة لحظة، ولكن فكروا في آثار الزكام التي يستحيل التنبؤ بها.
30 مايو
بعد ليلة من الأرق، تنعس العينان مليئتين بالنجوم.
12 يونيو
نافذتها تخرج لسانها بسجادة سرير.
14 يونيو
لسعف النخيل حركات شهوانية تكاد تكون فاحشة. ويحسب المرء أن نساء ذوات شعور طويلة هن اللواتي تطلبن بعضهن بعضاً. وتتحاضنَّ وتتموجن من جراء مداعباتهن.
19 يونيو
أكتب أغنية حب بين عاشقين، لا يقولان مرة واحدة فيها : أحبك.صدور تهب السماء الغواية.
14 يوليو
حسناء ذات غنجات منفلتة... يا إلهي، كم كانت جميلة هذا المساء على الهاتف!
18 يوليو
ألا تفتر ابتسامة فولتير الساخرة الشهيرة عن مجرد غياب أسنان في الفك الأعلى؟
19 يوليو
تعرفت على امرأة شابة رائعة. أحبها لأن الزكام لا يزعجها ولأنها تنظر إليَّ كما لو كانت تتخذ وضعاً لرسم بورتريه لها. لكنني سرعان ما أدرت رأسي لأنني شعرت أن نظرتي التي مالت ميلاً متوازناً على كتفها سوف تسقط، رغماً عني، وتنزلق في صدارها.
20 يوليو
الطبيب النفسي سيد يذهب إلى مسرح "فولي بيرجير" (1) ويراقب المتفرجين.مغنية تتثاءب في قفازات سوداء.أحلم بطبق مكرونة تتضافر تجريداته البسيطة تحت ضوء اللغز والفتور... وأحلم بشاعرة تستطيع ترديد النشيد الوطني الروسي (2) وهي تفرد أصابع قدميها على شكل مروحة وتغمض عينيها من فرط الاحتدام.
29 يوليو
مات الشاعر لي- تاي- بو (3) في عام 762. كان يتنزه في قارب، وهو مخمور أبداً، وقد مال أكثر من اللازم لكي يعانق صورة القمر المنعكسة على صفحة الماء الرائق وغرق عمودياً.
أول أغسطس
يعزي الحكيم نفسه عن أنه ليس سيد مصيره بأن يحدث نفسه بأنه سيد قوائم وجباته.
4 أغسطس
يسمع المرء في محطة باب الحديد:"الأوبرا... كائنات تتشاتم وهي تغني"
20 أغسطس
في الشتاء، عندما يبدأ البرد، أكابد مكابدة فظيعة من عجزي عن وضع معاطف من الفراء على أكتاف البنات الصغيرات اللاتي يسرن مرتعدات.
20 أغسطس
رينيه صديقة فاتنة. جميلة كفهد أسود. في عينيها يهجع الموت مثلما يهجع في صلب الخناجر اللامع البارد.
16 سبتمبر
سائحة – انجليزية شابة – تقول للترجمان:
- ما حكايتكم، إنني أجد مساجدكم جد خالية... فلا رسوم جدارية... ولا زينات... ولا حتى تمثال.
- أنتِ على حق يا آنسة: فمساجدنا ليس فيها غير الله.
18 سبتمبر
اليوم تبدو لي زرقة السماء عديمة الجدوى.

29 سبتمبر
هناك جلود جد متصلبة يكف الاحتقار معها عن أن يكون مسرة.
9 أكتوبر
أنصب الخيمة في الصحراء. وفي ثقة بالنفس، يمنح الناس أسماء للنجوم. لم يغمض القمر عين الليل.جبن الأكف حين يتوجب التصفيق.
أول نوفمبر
تلغراف دون أسلاك في مصر؟ ... ولكن على أي شيء سوف تحط كل طيورنا الصغيرة؟

(1) مسرح استعراضي رخيص في باريس – المترجم
(2) المقصود هو النشيد الوطني الذي فرضه الزعيم السوفييتي يوسف ستالين خلال الحرب العالمية الثانية بعد أن ألغى النشيد الأممي – المترجم.
(3) شاعر صيني من عهد أسرة تانج ( 618 - 907) ، وقد كتب قصائد كثيرة عن القمر ، من بينها "ليلة مقمرة" : ينساب ضوء القمر على فراشي : جاعلاً إياه شبيهاً بأديم مغطى بالجليد : وإذ أرفع رأسي، أرى الإشراقة الصافية : ثم حين أنكسها : تجتاحني رؤية بلادي – المترجم .



ترجمة بشير السباعي
(عن الأصل الفرنسي)

0 التعليقات: