(1943-1945)
Edmond Jabès
إدمون جابس
(Cairo, 1912 – Paris, 1991)
أغنية لأجل ملك الليل
هل تعرفُ الملكَ الأسود
الذي يحفظُ في قلبه
سيفأً وأزهاراً؟
هل تعرفُ أخواته؟
الأولى توقظُ الريح،
محلولةَ الشعرِ، مرفوعةَ اليدين.
الثانيةُ تهيِّجُ المحيط:
عمرها مائة عام.
الثالثةُ فأرةٌ، صبيةٌ جميلة،
يشبكها الملك
على كرافتة ابنه.
ذاتَ صباح
اغتالَ ثلاثونَ أميراً حاسدون
مليكهم،
تلك هي الحكايةُ الأسيفة
حكايةُ الملكِ الأسودِ مالاكو
الذي تسكنُ قلبه
ثلاثةُ أشباحٍ تبكي
أغنيةٌ لأجل الموتى الثلاثة الذاهلين
كنا ثلاثةَ موتى
لا نعرفُ ما الذي جئنا لنبحثَ عنه
في هذهِ المقبرةِ الفاغرة
أكبرنا سناً قال: "ياللروعة!"
الآخرُ قال: "الدنيا حر ..."
وأنا الذي أكادُ أفيقُ بالكادِ من نعاسي
بداهةً أقول:
"بمثلِ هذه السرعة؟"
كنَّا ثلاثةَ ظلال
بلا شِفاه، بلا رِقاب
وإن كنَّا نضحك
تحتَ الإبط
إن لم توجد الأحلام
ثم جاءتنا فتاة
عندَ هبوطِ الليل
لتكونَ في صُحْبَتِنا.
أغنيةٌ لأجلِ قارئي
لن تجدَ، يا قارئي، في ألبوم الأغاني هذا
أُغنيتي الأثيرة.
إنها تختفي في مكانٍ آخر،
في الريحِ التي تُذَهِّبُ أهدابك
هذهِ النظرةُ التي تشيع فيها الهواء..
لابدَّ أنَّك عندما تنام،
تسمعُ أغنيتي...
لستُ مُغَنِّي الليل.
أنا حيثُ تضحكُ، ضحكتك؛
وحيثُ تبكي، وروارُ دموعِكَ الذاهل.
كلُّ نسغ العالم على شفتيك.
لابد أنك عندما تستيقظ،
تغنِّي أغنيتي...
أغنيةٌ لأجلِ مساءٍ ممطر
رجلٌ انتظرَ
أن يُحب.
الأجراسُ بعيداً
تدُق.
بلا رجاء
انتظرَ الرجل.
كلُّ بابٍ موصد
يحفظُ سرَّه.
رجلٌ يبكي
المحبوبة...
أغنيةُ النهارِ الضائع
النهارُ سقط
كصرخةٍ ناضجة.
أنا لا أحبُّ الصرخات.
النهارُ سقط
كشمسٍ ناضجة.
أنا لا أحبُّ الليل.
هذا النهارُ الذي يتقدُ
في وجعي.
النهارُ سقط
كعصفورٍ عجوز.
أنا لا أحبُّ الأرض.
النهارُ سقط
كحلمٍ قديم.
أنا لا أحبُّ البحر.
هذا النهارُ الذي يموت
في النظرات.
النهار سقط
وسط الطريق.
لم يلتقطهُ أحد.
ترجمة بشير السباعي
(عن الأصل الفرنسي)
0 التعليقات:
إرسال تعليق