عشرُ أغنيات_2

(1943-1945)

Edmond Jabès
إدمون جابس(Cairo, 1912 – Paris, 1991)

أغنية الغريبة



كانت واقفةً
بإزاءِ الشجرة.
كانت عاريةً.
كانت فرج الشجرة.

انتظرت الرجل
ومن عشقهما
سيولدُ العالم.

كانت شاحبةً.
كانت المحبة.
وبثها الرجلُ
اسم اخوته.

كانت ميتةً
ولم يَكُفَّ الرجلُ عن الكلام.



أغنيةُ الغريب


ها أنذا أبحثُ عن رجلٍ لا أعرفه
لم يُصبح قَط أنا نفسي إلى هذا الحد
إلاَّ منذُ بدأتُ البحثَ عنه.
أَلَهُ عينايَ ويداي
وكلُّ هذهِ الهواجسِ الشبيهةِ
بحطامِ هذا الزمن؟
موسمُ الألفِ غرق،
البحرُ يكُفُّ عن أن يكونَ البحر،
يصبحُ ماءَ القبورِ الباردَ المتجمدَ
ولكن، أبعدَ من ذلك،
من الذي يعرفُ أبعدَ من ذلك؟
صبيَّةٌ تُغنِّي للتقهقر
والليلُ يُخَيِّمُ على الأشجار،
راعٍ وَسَطَ خراف.
انتزعوا العطشَ من حبةِ الملح
التي لا يرويها أيُّ شراب.
بالحجارة، يدمدمُ عالمٌ
لكونه، مثلي، بلا مكان.


أغنيةُ المرأةِ الجالسة



هذهِ امرأةٌ جالسة
تنهشُها الشموس.

دموعُها في الزمنِ الغابرِ
ملأت الأرضَ أشجاراً
قلبُها يحترق.

هذهِ امرأةٌ جالسةٌ
على رُكبتيَّ. شاردةً
تحسبُ الأيام.



أغنيةُ الفتاةِ الشرسة



الفتاةُ
ذاتِ القبعةِ المبرقشة
- من هيَ؟ أنا لا أعرفُها-
تغرِزُ، ضاحكةً، يديها
في عيونِ النائمين.
عاشقةٌ للأغاني
جدُّ شرسةٍ بالفعل
- من هيَ؟ أنا لا أعرفُها-
وهيَ أيضاً تجْهَلُني
لأنَّ عيْنَيَّ، المغرمتين بِنَفْسَيْهِما
تلتهمان نَفْسَيْهِما عندَ هبوطِ الليل.



أغنيةٌ قصيرةٌ لِيَدِ الجُنديِّ الميِّت المُتصلِّبَة



يدُ الجُنديِّ الميت ما بَرِحَت متَشَبِّثَةً بالشجرة،
والسبَّابةُ على زِنادِ البُندقية.
ما أكثر النجومِ، ضحاياه.
يا هذا الجُندي،
إنَّكَ لَتَصْنَعُ لَنا سماءَ فَرَح.
إنَّهُ الصيف.
العُشَّاقُ يتَمَتَّعون بأجملِ سَقْف.
يا هذا الجُندي،
ها أنتَ ذا تَنام؛
ولكن ما الذي تَراه؟

ترجمة بشير السباعي
(عن الأصل الفرنسي)

0 التعليقات: