بتاريخ 18 تشرين الثاني / نوفمبر 1996، نشرت صحيفة الحياة (ص12) مقالاً عن الشاعرة الروسية آلينا فيتوخنوفسكايا منسوباً إلى الكاتبة اللبنانية أسما قساطلي مع ترجمة من جانب الأخيرة لثلاث قصائد للشاعرة المذكورة.
والحال أن قساطلي لم تكتب المقال المذكور، بل استولت – بتصرفٍ متعالمٍ – على مقال لأركادي فاكسبيرغ ظهرت ترجمته الفرنسية عن الروسية في مجلة europe الشهرية الأدبية الفرنسية (عدد نيسان / أبريل 1996، ص ص 187- 188 ، وهو العدد نفسه الذي ظهرت فيه الترجمة الفرنسية لأربع قصائد للشاعرة الروسية اكتفت قساطلي بترجمة ثلاث منها).
وبما أن المريب يكاد يقول خذوني، فقد زَجَّت قساطلي باسم فاكسبيرغ في المقال الذي نسبته لنفسها، من باب الاستشهاد بالرجل(!)، بينما هو صاحب المقال بادئ ذي بدء.
على أن الاستيلاء على أعمال الآخرين ليس غير مظهر من مظاهر قلة الحيلة وهزال التكوين وانعدام الأمانة، وهي أشياء تجد كلها تعبيراً واضحاً عنها في ترجمة قساطلي للمقال المنتحل وللقصائد في آن. ولما كنا لا نملك وقتاً لإعادة ترجمة المقال، فقد اكتفينا بالشيء الأهم، وهو إعادة ترجمة القصائد عن الترجمة الفرنسية التي ترجمتها قساطلي عنها، خاصة وأننا لم يَتَسَنَّ لنا بعدُ الحصول على الأصل الروسي، كما نضيف ترجمة للقصيدة الرابعة التي لم تترجمها قساطلي.
بشير السباعي
I
على الأرض
على الأرض
على الأرض
طريحَ الوجع
دماغٌ
مفلوقٌ.
ليس شهيراً،
ليس رناناً،
ليس عميق الأغوار.
لكنه،
دون وجود شيء داخله، طبيعةٌ صامتة.
مكللٌ بهالةٍ
من الأزيز
ملونٌ تلويناً مائياً بالزنابير.
هادئٌ تماماً
كمذنِبٍ من طراز "خذ الأمور بلا غضب"،
وسط الأرض المثقوبة
التي تبلع محورها.
لا أحد يصرخ فيه
"دع هذا!"
مثلما يفعلون مع كلبٍ مشاكس،
لا أحد يرمي إليه
عظمة
تليق بالوجع.
ولا أحد كان
بحاجةٍ إلى هذا الوجع.
الحياة ناخت بوطأتها
على كل كائنٍ حي.
وأشياء كثيرة
تتوالى، رتيبة ومكررة
(خاصة الشمس
التي لم تغرق قط
غاطسةً في الماء، رأسها أولاً)
II
لاجعران
لاجعران
مخلوقٌ بائس
ذو أربع قوائم،
متحقق في الوجود بالجوهر،
اسمه بين الأسنان،
مطليٌّ بصبغة اليود،
يزحف باتجاه نيويورك
عبر طريق نزوحٍ جماعي.
أحمق، بائس، لا لحم، لا سمك،
ولاجعران (كما حسبوه)،
يملكُ قوىً، ولكي يستنفدها
يزحف، إذ ما من شيءٍ آخرٍ أمامه ليفعله
(شريطةَ أن لا يأكله أحد).
ثم إنه حتى لو قضم أحدٌ
اللاجعران عديم المذاق
فلن يكون ذلك خسارة كبيرة بالنسبة له هو نفسه
III
هناك، خلف الباب، معتمدين على عجلات،
يشيعون جثثاً من جديد.
الهواء له رائحة السمك الميت.
في الحساء تغرق عظام الكلمات.
عندما يفتح المرء الطاقة،
يكفي أن يمد قصعته،
يكفي أن يصب
دمه المريض من الحلق.
أخرجوا كؤوسكم أيها الناس الطيبون!
بين ذراعي الطبيب الغريبتين،
عجوزٌ تبتسمُ لنا،
سافحةً قربانها الأحمر،
لا تطلب شيئاً.
في الحساء تغرق عظام الكلمات.
هناك، خلف الباب، معتمدين على عجلات،
يشيعون جثثاً من جديد.
IV
حين ترى كل هذه الحشر(ات) التي تز(حف)
لا جدوى من إغماض عينيك
عظاءةُ وهندباءُ وليثُ
سوف يمسونك، سوف يلعقونك.
تضع جمجمتك كبصلة
في الحوض، ضجراً من نفسك.
عظاءةُ وهندباءُ وليثُ
يصرخون فيك: "لا جد(وى) من هر(بك)"
"لماذا لا تكون رفيقاً لنا
نحن الحيوانات الأخرى؟ حباراً أو سرطاناً بحرياً؟
لماذا تدعك نفسك تحت الدوش
فتشبه آلة تسمير تدار؟"
وفر عليك خد(مات) الحمام التا(فهة)
فوقك ذبابات صغيرة وميكروبات
تطيل أمد الحياة حتى الحافة:
حتى لا تتخلص منها.
كل من حولك يهابون النـ(ـظر)
لأنه من المر(عب) جداً أن يكتشـ(ـفوا)
أن كل شيء له دائماً وفي كل مكان
طبيعتين: الد(اخلية) والخار(جية)
النظر إلى الداخل، حتـ(ـمي)
تماماً كالإصغاء إلى الداخل أو كالدخول.
لماذا تبكي إذاً دون عزا(ء)
ساخناً تماماً، مملحاً تماماً كحساء؟
حاشية: بما يتماشى مع أسلوب عالم تعاطي المخدرات في الكلام، والذي عرفته الشاعرة جيداً، فإنها لا تكمل عدداً من الكلمات في القصيدة الرابعة، وتضع نقاطاً في مكان الأجزاء غير المذكورة من الكلمات، وقد آثرنا إكمال هذه الأجزاء بين أقواس حتى يسهل على القارئ العربي متابعة القصيدة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق