راينر ماريّا ريلكة_2

(مثلما حملتك مرة طاقةُ البهجة المجنحةُ)


مثلما حَمَلَتْكَ مرةً طاقةُ البهجةِ المجنحةُ
فوق مهاوي الطفولة المظلمة،
فلتُشَيِّد الآن وراءَ حياتك
قوساً عظيماً من جسورٍ تفوقُ الخيال.

المعجزاتُ تحدثُ إن تَسَنَّى لنا النجاح
في اجتياز الخطر الأقسى،
لكننا لا نحقق المعجزة
إلاّ في إنجازٍ مشرق
ومسَلَّمٍ به بشكل خالص.

أن نعمل مع الأشياء في العلاقة التي لا توصف،
ليس صعباً جداً علينا ،
الأسلوب يتزايدُ تعقيداً ورهافة،
والانجرارُ ليس كافياً.

استجمع قواك المجرَّبة ومدها
حتى تُكَوِّنَ جسراً على الهوة بين تناقضين ...
لأن الرب يريد أن يعرف نفسه فيك.



موزو ، منتصف فبراير 1923


(مشوارُ عمرٍ مُتخيَّل)


في البدء طفولةٌ، لا حدود لها
وحرةٌ من أيَّةِ غايات.
آه يال اللاوعي الجميل.
ثم الرعب المباغت،
الفصولُ المدرسيةُ، العبوديةُ،
الغرقُ في الغوايةِ والضياعِ العميق.

التحدي. الطفل الذي أُحنيَ ظهره
يصبحُ مُحنياً للظهور.
يُنزل بالآخرين ما كابدهُ يوماً ما.
محبوباً، مرهوباً، منقذاً، مصارعاً،
منتصراً،
يثأر، ضربةً وراء ضربة.
والآن وحده، في فضاءٍ شاسعٍ، باردٍ، فارغ،
لكن حنيناً إلى العالم الأول،
العالم القديم،
يستترُ في أعماق فؤادِ الكهل ...

ثم، من مكمنه، يقفز الرب.


شونيك، 15 سبتمبر 1923


(ما تمرقُ الطيورُ فيه ليس الفضاءُ الحميم)


ما تمرقُ الطيورُ فيه ليس الفضاء الحميم
الذي ترى فيه كل الصور مكثفة
(في الفضاء، سوف تُحرم من نفسك،
سوف تتلاشى في ذلك الاتساع الرحيب.)

الفضاء يمتدُّ منَّا ويُؤَوِّلُ العالم:
لكي تعرف شجرة، في جوهرها الحقيقي،
طوقها بالفضاء الداخلي،
من ذلك الفيض النقي في روحك.
طوقها باحتراس،
إنها لا حدود لها.
وهي لا توجد حقاً إن لم تقع في اعتزالك.


موزو، 16 يونيو 1924



(العالمُ كان في وجهِ المحبوب)


العالمُ كان في وجهِ المحبوب - ،
لكنه فاض فجأةً وسال:
العالمُ في الخارج، العالمُ لا يمكن الإمساك به.

فلماذا،
عندما رفعتُ الوجهَ الممتلىءَ المحبوبَ،
إلى شفتيَّ،
لماذا لم أشرب منهُ العالم،
وقد كان قريباً جداً
حتى كاد يتسنى لي أن أحسَّ مذاقه؟

آه، لقد شربت. دون ارتواءٍ شربت.
لكنني كنتُ غاصاًّ أيضاً،
بالكثير جداً من العالم،
و، بينما رحتُ أشرب،
فضتُ أنا نفسي وسلت.


راجاز، منتصف يوليو 1924



(أيتها الوردة، أوه أيتها التناقض الخالص)


أيتها الوردة،
أوه، أيتها التناقض الخالص،
يا فرحة أن تكوني نوم لا أحد
تحت كل هذه الجفون.


في وصية 27 أكتوبر 1925


بناءً على وصية ريلكه، نقشت هذه السطور على شاهد قبره في فناء كنيسة رارون.

ترجمة بشير السباعي

(عن ترجمة س. ميتشل الإنجليزية)

0 التعليقات: